للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

متّفقٌ عليه، قال ابن عبد البرّ: وهو خلاف رواية أهل المدينة عن عائشة - رضي الله عنها -، ولكن العمل بالأمصار على هذا. انتهى.

وبما رواه الترمذيّ، والنسائيّ، عن أم سلمة - رضي الله عنها -، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُحَرِّم من الرضاع إلا ما فَتَقَ الأمعاء (١)، من الثدي، وكان قبل الفطام"، قال الترمذيّ: حسنٌ صحيح.

وروى الدارقطنيّ من طريق الهيثم بن جَمِيل، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين"، قال الدارقطنيّ: لم يسنده، عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ. انتهى، وهذا الحديث نصّ في هذه المسألة، قاله وليّ الدين (٢).

(القول الثاني): أنه يُعتبر حكمه، ولو كان بعد الحولين بمدّة قريبة، وهو مستمرّ الرضاع، أو بعد يومين من فصاله، وهذا هو المشهور من مذهب مالك، وفي القريبة عندهم أقوالٌ: قيل: أيام يسيرة، وقيل: شهرٌ، وقيل: شهران، وقيل: ثلاثة، قال أبو العباس القرطبيّ: وكان مالكًا - رحمه الله - يشير إلى أنه لا يفطم الصبيّ دفعة واحدة في يوم واحد، بل في أيام، وعلى تدريج، فتلك الأيام التي يحاول فيها فطامه حكمها حكم الحولين؛ لقضاء العادة بمعاودته الرضاع فيها.

(القول الثالث): تقدير ذلك بسنتين ونصف، وهو قول أبي حنيفة، وجعل قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] دالًّا على تقدير كلّ من الحمل، والفصال بذلك كالأجل المضروب للمدتين، وقال صاحباه، والشافعيّ: هذه المدّة للمجموع، وقد دلّ قوله تعالى: {يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} على حصّة الفصال من ذلك، فصارت بقيّة المدّة، وهي ستة أشهر للحمل، وهي أقلّه، مع أن أبا حنيفة لا يقول: أكثر الحمل سنتان ونصفٌ، وإنما يقول: إنه سنتان.


(١) قوله: "فَتَقَ الأمعاء" بالفاء، والتاء: أي وسّعها؛ لاغتذاء الصبيّ به وقت احتياجه إليه.
(٢) "طرح التثريب" ٧/ ١٣٦ - ١٣٧.