للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(القول الرابع): تقديره بثلاث سنين، وهذا قول زُفَر، كذا أطلق النقل عنه غير واحد، منهم صاحب "الهداية"، وقيّد ابن عبد البرّ عنه بأن يجتزئ باللبن، ولا يطعم.

(القول الخامس): أنه إن فَطَمَ قبل الحولين فما رضع بعده لا يكون رضاعًا، ولو أرضع ثلاث سنين لم يفطم كان رضاعًا، حكاه ابن عبد البرّ عن الأوزاعيّ، وحُكي أيضًا عن ابن القاسم أنه لو فطمته أمه قبل الحولين، واستغنى عن الرضاع، فأرضعته أجنبيّة قبل تمام الحولين لم يعد رضاعًا.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الأقوال كلّها للقائلين بعدم تحريم رضاع الكبير، وقد تقدّم ذلك في المسألة السابقة أن الأرجح أنه محرّم إذا كانت هناك حاجة مثل حاجة سالم مع سهلة، وكان خمس رضعات، كما أثبته الشارع لهما لشدّة حاجتهما، وأَمَر سهلة أن تُرضعه خمس رضعات، وأما إذا لم توجد حاجة شديدة فقول من حدّده بحولين أرجح؛ لوضوح أدّلته. فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٦٠١] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَن الثَّقَفِيِّ، قَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَن ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَن الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ، فِي بَيْتِهِمْ، فَأَتَتْ - تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ (١) - النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ، وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرْضِعِيهِ، تَحْرُمِي عَلَيْهِ، وَيَذْهَبِ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ"، فَرَجَعَتْ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ، فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ).


(١) وفي نسخة: "تعني: سهلة بنت سُهيل".