للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنه اعتَمَد خبره، ولو كان كافرًا لما اعتمده في حكم شرعيّ. انتهى (١).

(نَظَرَ آنِفًا) بمدّ الهمزة على المشهور، ويجوز قصرها، وبهما قرئ في السبع: ومعناه: قريبًا، أو أقرب وقت (إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ) - رضي الله عنهم -، وفي الرواية التالية: "فقال: يا عائشة ألم تري أن مجزّزًا الْمُدْلجيّ دخل عليّ، فرأى أسامة بن زيد، وزيدًا، وعليهما قطيفة، قد غطّيا رؤوسهما، وبدت أقدامهما".

وفي رواية للبخاريّ: "وأسامة وزيدٌ مضطجعان"، قال الحافظ: وفي هذه الزيادة دفع توهّم من يقول: لعلّه حاباهما بذلك لِمَا عُرف من كونهم كانوا يطعنون في أسامة. انتهى.

(فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقدَامِ لَمِنْ بَعْضٍ") قال أبو داود: نقل أحمد بن صالح عن أهل النسب أنهم كانوا في الجاهليّة يقدحون في نسب أسامة؛ لأنه كان أسود شديد السواد، وكان أبوه زيدٌ أبيض من القطن، فلما قال القائف ما قال، مع اختلاف اللون، سُرَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك؛ لكونه كافًّا لهم عن الطعن فيه؛ لاعتقادهم ذلك.

وقد أخرجه عبد الرزّاق من طريق ابن سيرين أن أمّ أيمن مولاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كانت سوداء، فلهذا جاء أسامة أسود.

وقد وقع في "الصحيح" عن ابن شهاب: أن أمّ أيمن كانت حبشيّةً وَصِيفة لعبد الله والد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويقال: كانت من سبي الحبشة الذين قدِموا زمن الفيل، فصارت لعبد المطّلب، فوهبها لعبد الله، وتزوّجت قبل زيد عُبيدًا الحبشيّ، فولدت له أيمن، فكُنيت به، واشتهرت بذلك، وكان يقال لها: أمّ الظباء، قاله في "الفتح" (٢).

وقال أبو العبّاس القرطبيّ: قال القاضي: وقال غير أحمد - يعني ابن صالح -: كان زيد أزهر اللون، وكان أسامة شديد الأُدْمة، وزيد بن حارثة عربيّ صريحٌ، من كلب، أصابه سباءٌ، فاشتراه حكيم بن حِزَام لعمّته خديجة بنت خُوَيلد - رضي الله عنها -، فوهبته للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتبنّاه، فكان يُدعى زيدَ بن محمد، حتى


(١) "الفتح" ١٥/ ٥٠٦ و"الإصابة" ٩/ ٩٣ - ٩٤.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٥٠٦.