للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نزل قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] فقيل: زيد بن حارثة. وابن زيد: أسامة، وأمه أم أيمن بركة، وكانت تُدعى أمّ الظِّبَاء، مولاة عبد الله بن عبد المطّلب، ودَايةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، ولم أر لأحد أنها كانت سوداء إلا ما رُوي عن ابن سيرين في "تاريخ أحمد بن سعيد"، فإن كان هذا، فلهذا خرج أسامة أسود، لكن لو كان هذا صحيحًا لم ينكر الناس لونه؛ إذ لا يُنكر أن يلد الإنسان أسود من سوداء (٢)، وقد نسبها الناس، فقالوا: أم أيمن بركة بنت محصن بن ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان.

وقد ذكر مسلم في "الجهاد" عن ابن شهاب: أن أم أيمن كانت من الحبش، وَصِيفة لعبد الله بن عبد المطّلب، أبي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذكره الواقديّ، وكانت للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بركة أخرى حبشيّة، كانت تخدم أم حبيبة، فلعلّه اختلط اسمها على ابن شهاب، على أن أبا عمر قد قال في هذه: أظنّها أم أيمن، أو لعلّ ابن شهاب نسبها إلى الحبشة؛ لأنها من مهاجرة الحبشة، والله تعالى أعلم.

قال القرطبيّ: هذا أظهر. وتزوّجها عُبيد بن زيد، من بني الحارث، فولدت له أيمن، وتزوّجها بعده زيد بن حارثة بعد النبوّة، فولدت له أسامة، شهدت أُحدًا، وكانت تُداوي الجرحى، وشهدت خيبر، وتوفّيت في أول خلافة عثمان - رضي الله عنها - بعشرين يومًا، رَوَى عنها ابنها أنس، وأنس بن مالك، وطارق بن شهاب.

قالت أم أيمن: بات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت، فقام من الليل، فبال في فَخّارة، فقمت، وأنا عطشى، لم أشعر ما في الفخّارة، فشربت ما فيها، فلما أصبحنا، قال: "يا أم أيمن أهريقي ما في الفخارة"، قلت: والذي بعثك بالحقّ لقد شربت ما فيها، فضحك حتى بدت نواجذه، قال: "إنه لا تتجعنّ (٣) بطنك


(١) الداية: الحاضنة.
(٢) وأجاب الحافظ عن هذا، فقال: يَحْتَمل أنها كانت صافية، فجاء أسامة شديد السواد، فوقع الإنكار لذلك. انتهى. "فتح" ١٥/ ٥٠٦ - ٥٠٧.
(٣) الذي في "الإصابة": "إنك لا تشتكين بطنك بعد هذا أبدًا"، وعزاه إلى ابن السكن.