للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أبي بكر بن عبد الرحمن: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة مرسلًا، وكذا رواه من رواية سليمان بن بلال، مرسلًا، ورواه بعد هذا من رواية حفص بن غياث، متّصلًا، كرواية سفيان.

قال الدارقطنيّ: قد أرسله عبد الله بن أبي بكر، وعبد الرحمن بن حميد، كما ذكره مسلم، قال النوويّ: وهذا الذي ذكره الدارقطنيّ من استدراكه هذا على مسلم فاسدٌ؛ لأن مسلمًا - رحمه الله - قد بَيَّن اختلاف الرواة في وصله وإرساله، ومذهبه، ومذهب الفقهاء والأصوليين، ومحققي المحدثين أن الحديث إذا رُوِي متصلًا ومرسلًا، حُكِم بالاتصال، ووجب العمل به؛ لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير، فلا يصح استدراك الدارقطنيّ. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد سبق غير مرّة تعقّب قول النوويّ: إن مذهب المحققين ترجيح الوصل على الإرسال، بأن هذا ليس مذهب المحقّقين من أهل الحديث، بل مذهبهم العمل بما تقتضيه القرينة، فإن اقتضت ترجيح الوصل، رجّحوه، أو ترجيح الإرسال رجّحوه، وهذا هو الصواب في المسألة، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

والحاصل أن الحديث متّصل صحيح، كما هو رأي المصنّف، وذلك لاتفاق سفيان الثوريّ، وحفص بن غياث عليه، فرُجِّح الوصل به، فتبصّر.

قال أبو مسعود الدمشقيّ - رحمه الله - في "الأجوبة" بعد نقل كلام الدارقطنيّ المذكور: هذا حديث أخرجه مسلم من حديث يحيى القطّان، عن الثوريّ، عن محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أم سلمة.

وأخرجه أيضًا من حديث حفص بن غياث مسندًا، لا مرسلًا، عن عبد الواحد بن أيمن، عن أبي بكر، عن أم سلمة مُجوّدًا، وقد جوّده عبد الله بن داود، عن عبد الرحمن بن أيمن.

وأما الحديث المرسل، فلم يخرجه من حديث حفص، وإنما أخرجه من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، مرسلٌ.

وعن القعنبيّ، عن سليمان بن بلال، وعن يحيى بن يحيى، عن أبي


(١) "شرح مسلم" ١٠/ ٤٣.