للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: قال في "الفتح": يُكرَه أن يتأخر في السبع أو الثلاث عن الصلاة، وسائر أعمال البرّ التي كان يفعلها. نصّ عليه الشافعيّ، وقال الرافعيّ: هذا في النهار، وأما في الليل فلا؛ لأن المندوب لا يترك له الواجب، وقد قال الأصحاب: يسوّي بين الزوجات في الخروج إلى الجماعة، وفي سائر أعمال البرّ، فيخرج في ليالي الكلّ، أو لا يخرج أصلًا، فإن خصّص حرُم عليه، وعدُّوا هذا من الأعذار في ترك الجماعة.

وقال ابن دقيق العيد: أفرط بعض الفقهاء، فجعل مُقامه عندها عذرًا في إسقاط الجمعة، وبالغ في التشنيع.

وأجيب بأنه قياس قول من يقول: بوجوب المقام عندها، وهو قول الشافعية، ورواه ابن قاسم عن مالك، وعنه يستحبّ، وهو وجه للشافعية، فعلى الأصح يتعارض عنده الواجبان، فيقدَّم حقّ الآدميّ، فليس بشنيع، وإن كان مرجوحًا. انتهى (١).

قال الشوكانيّ - رحمه الله -: ولا يخفى أن مثل هذا لا يُرَدّ به على تشنيع ابن دقيق العيد؛ لأنه شنَّع على القائل كائنًا من كان، وهو قولٌ شنيعٌ، كما ذكر، فكيف يجاب عنه بأن هذا قد قال به فلان وفلان؟ اللهم إلا أن يكون ابن دقيق العيد موافقًا في وجوب المقام بلا استثناء. انتهى كلام الشوكانيّ - رحمه الله - (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ما أحقّ التشنيع والتقبيح على هذا القول المهين، فما ذكره الرافعيّ عجيب، فإنه مخالف للنصوص الصحيحة الكثير في إيجاب صلاة الجمعة، والجماعة، على الإطلاق، فلا يوجد نصّ يُخرج المتزوج عن ذلك، وأيضًا فإن الرافعيّ شافعيّ، وقائم في نصرة مذهبه، وهذا مخالف لنصّ الشافعيّ، كما سبق آنفًا، إن هذا لشيء عجيب.

قال الإمام ابن حزم - رحمه الله - في معرض الردّ على هذا القول: وأما التخلف عن صلاة الجماعة، فقد ذكرناه في "كتاب الصلاة" من ديواننا هذا - يعني "الْمُحَلّى" - وغيره: إيجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وتوعّده بحرق بيوت المتخلفين عنها لغير عذر، وقد تزوج - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فما منهم من أحد تخلف في


(١) "الفتح" ١١/ ٦٦٠ - ٦٦١.
(٢) "نيل الأوطار" ٦/ ٣٧٠.