للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القرطبيّ: وهذا هو الصحيح؛ لوجهين:

أحدهما: أنه هو السبب الذي خرج عليه اللفظ.

والثاني: النظر إلى المعنى، وذلك أن من له زوجات يحتاج إلى استئناف الْقَسْم بعد أن يوفي لهذه المستجدّة حقّها من تأنيسها، والانبساط إليها، وإزالة نفرتها، وتطييب عيشها، وأيضًا فيستوفي لنفسه ما يجده من التشوّق إليها، والاستلذاذ بها، فإن الجديد له استلذاذ جديد، وذلك مفقود فيمن ليس له زوجة غير التي تزوّج بها. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبيّ - رحمه الله - تحقيقٌ نفيس.

والحاصل أن تخصيص التسبيع والتثليث بمن له زوجة أخرى، هو الأرجح؛ لظاهر هذه الرواية حيث قال فيها: "إذا تزوّج البكر على الثيب. . ." الحديث، فقيّده بمن تزوج على أخرى، ومفهومه أن من ليس له زوجة، إذا تزوج لا يجب عليه التسبيع والتثليث، وأما الرواية التالية بلفظ: "من السنّة أن يُقيم عند البكر سبعًا"، فتُحمل على المقيّد في هذه الرواية، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): أن فيه حجةً على الكوفيين في قولهم: إن البكر والثيب سواءٌ في الثلاث، وعلى الأوزاعيّ في قوله: للبكر ثلاثٌ وللثيب يومان، وفيه حديث مرفوع عن عائشة - رضي الله عنها -، أخرجه الدارقطنيّ بسند ضعيف جدًّا.

وخُصّ من عموم حديث الباب ما لو أرادت الثيِّب أن يكمل لها السبع، فإنه إذا أجابها سقط حقّها من الثلاث، وقضى السبع لغيرها؛ لما سبق عند مسلم في الباب الماضي، من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "إن شئت سبّعتُ لك، وإن سبّعت لك سبّعت لنسائي وفي رواية: "إن شئت ثلثتُ، ثم دُرْتُ"، قالت: ثَلِّثْ (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المفهم" ٤/ ٢٠٤ - ٢٠٥.
(٢) "الفتح" ١١/ ٦٦٠.