أكمل الخلق في خُلُقه لنفرن منه، بل الذي وقع أنه كان أحبّ إليهنّ من جميع أهلهنّ.
(ثامنها): ما تقدّم مبسوطًا من خرق العادة له في كثرة الجماع مع التقلّل من المأكول والمشروب، وكثرة الصيام والوصال، وقد أمر من لم يقدر على مُؤَن النكاح بالصوم، وأشار إلى أن كثرته تكسر شهوته، فانخرقت هذه العادة في حقّه - صلى الله عليه وسلم -.
(تاسعها)، و (عاشرها): ما تقدّم نقله عن صاحب "الشفا" من تحصينهنّ، لقيام بحقوقهنّ، قاله في "الفتح".
وقد نظمت العشرة بقولي:
قَدْ ذَكَرُوا فِي حِكْمَةِ اسْتِكْثَارِ … نَبِيِّنَا الْكَرِيمِ حِبِّ الْبَارِي
مِنَ النِّسَاءِ عَشْرَةً أَنْ يَكْثُرَا … شُهُودُ مَا بَطَنَ إِذْ قَدِ افْتَرَى
عَلَيْهِ مَنْ ضَلَّ بِأنَّهُ سَحَرْ … أَوْ نَحْوِهِ بِهِنَّ ذَا الْكِذْبُ انْدَحَرْ
وَثَانِهَا لِتَشْرُفَ الْقَبَائِلُ … بِهِ إِذَا أَضْحَتْ لَهُ تُصَاهِرُ
ثَالِثُهَا زَيادَةُ التَّأْلِيفِ … رَابِعُهَا زَيادَةُ التَّكْلِيفِ
فَهْوَ مُكَلَّفٌ بِأَنْ لَا يُشْغَلَا … بِهِنَّ عَنْ تَبْلِيغِ مَا قَدْ أُرْسِلَا
خَامِسُهَا تَكْثِيرُ أَعْوَانٍ لَهُ … إِذَا مِنَ الْعَدُوِّ كَيْدٌ نَالَهُ
سَادِسُهَا نَقْلُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي … تَخْتَصُّ بِالزَّوْجَيْنِ عِنْدَ الْخَلْوَةِ
سَابِعُهَا اطِّلَاعُهُنَّ مَا بَطَنْ … أَيْ مِنْ أَخْلَاقِهِ الْحِسَانِ كَيْ تُسَنْ
ثَامِنُهَا بَيَانُ خَرْقِ الْعَادَةِ … بِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ وَالزِّيَادَةِ
مَعَ التَّقَلُّلِ مِنَ الطَّعَامِ … وَكَثْرَةِ الْوِصَالِ بِالصِّيَامِ
تَاسِعُهَا الْقِيَامُ بِالتَّحْصِينِ … لَهُنَّ وَالْعَاشِرُ فِي التَّبْيِينِ
هُوَ الْقِيَامُ بِحُقُوقِهِنَّهْ … حَمْدًا لِمَنْ أَوْلَى بِهَذِي الْمِنَّهْ
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.