للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قولها: "في مِسْلاخها" أي في جِلدها، وحقيقة ذلك أنها تمنّت أن تكون هي؛ لأن أحدًا لا يتمنّى أن يكون في جلد غيره، وهذا اللفظ قد جرى مجرى المثَل، ومقصودها أنها أحبّت أن تكون على مثيل حالها في الأوجه التي استحسنت منها. انتهى (١).

(مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ) - بفتح الميم، وإسكانها - ابن قيس بن عبد شمس بن عبد وَدّ بن نصر بن مالك بن حِسْل بن عامر بن لُؤَيّ العامريّة القرشيّة، أم المؤمنين - رضي الله عنها -، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو بمكة بعد موت خديجة - رضي الله عنها -، ودخل عليها بها، وكانت قبله عند السكران بن عمرو.

رَوَت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنها ابن عباس، ويحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة.

وقال ابن أبي خيثمة: تُوُفّيت في آخر خلافة عمر، وقال ابن سعد: أسلمت بمكة قديمًا، وهاجرت هي وزوجها إلى الحبشة الهجرة الثانية، زاد الزبير بن بكار: ومات زوجها هناك، ورّجّح الواقديّ أنها تُوفيت سنة أربع وخمسين، وقال ابن حبان: من زعم أنها أخت عبد الله بن زمعة، فقد وَهِمَ، وهي أول امرأه تزوج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد موت خديجة، وماتت سنة خمس وستين.

أخرج لها البخاريّ، وأبو داود، والنسائيّ، ولها عند المصنّف ذكر فقط.

وسيأتي في الحديث التالي قول عائشة - رضي الله عنها -: وكانت أول امرأة تزوجها بعدي، ومعناه: عَقَدَ عليها بعد أن عَقَد على عائشة - رضي الله عنها -، وأما دخوله عليها فكان قبل دخوله على عائشة بالاتفاق، وقد نبّه على ذلك ابن الجوزيّ - رحمه الله - (٢).

(مِنْ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ) قال القاضي عياض - رحمه الله -: "من" هنا للبيان، واستفتاح الكلام، ولم تُرِدْ عائشة عَيب سَوْدة بذلك، بل وصفتها بقُوّة النفس، وجَوْدة الْقَرِيحة، وهى الْحِدّة - بكسر الحاء -.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قولها: "من امرأة إلخ": "من" هنا للبيان، والخروج من وصف إلى ما يخالفه، ولم تُرد تنقيصها، وإنما أرادت أنها كانت شَهْمة


(١) "المفهم" ٤/ ٢٠٨.
(٢) "كشف المشكل" ٤/ ٣٢٠.