للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النفس، حديدة القلب، حازمةً مع عقل رصين، وفضل متين، ولذلك جعلت يومها لعائشة - رضي الله عنهما -. انتهى (١).

(قَالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ) - بكسر الموحّدة - يقال: كَبِرَ الصبيّ وغيره يَكْبَرُ، من باب تَعِبَ مَكْبِرًا، مثلُ مَسْجِدٍ، وكِبَرًا وزانُ عِنَبٍ، فهو كبيرٌ، وأما كبُر الشيءُ من باب قَرُب، فهو بمعنى عَظُمَ، فلا يناسب هنا (جَعَلَتْ يَوْمَهَا) أي يوم نوبتها، وهي يوم وليلةٌ (مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) متعلّق بحال من "يومها"، وقولها: (لِعَائِشَةَ) متعلّق بـ "جَعَلَتْ"، وفي رواية البخاريّ: "وهبت يومها لعائشة"، وفي رواية له: "يومها وليلتها"، وزاد في آخره: "تبتغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -".

وأخرج أبو داود هذا الحديث في "سننه"، وزاد فيه ما يُبيّن سبب هبتها أوضح مما هنا، فرَوَى عن أحمد بن يونس، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة بالسند المذكور: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُفَضِّل بعضنا على بعض في الْقَسْم. . . الحديث، وفيه: ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أَسَنَّتْ، وخافت أن يفارقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله يومي لعائشة، فقَبِلَ ذلك منها، ففيها وأشباهها نزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} الآية [النساء: ١٢٨]، وتابعه ابن سعد عن الواقديّ، عن ابن أبي الزناد في وصله.

ورواه سعيد بن منصور، عن ابن أبي الزناد مرسلًا، لم يذكر فيه عن عائشة.

وعند الترمذيّ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - موصولًا نحوه، وكذا قال عبد الرزاق، عن معمر بمعنى ذلك، فتواردت هذه الروايات على أنها خَشِيَت الطلاق، فوهبت.

وأخرج ابن سعد بسند رجاله ثقات، من رواية القاسم بن أبي بَزَّة مرسلًا: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طلقها، فقَعَدت له على طريقه، فقالت: والذي بعثك بالحقّ ما لي في الرجال حاجة، ولكن أُحِب أن أُبعث مع نسائك يوم القيامة، فأنشدك بالذي أنزل عليك الكتاب، هل طلقتني لِمَوْجِدة وَجَدتها عليّ؟ قال: "لا"، قالت: فأنشدك لَمّا راجعتني، فراجعها، قالت: فإني قد جعلت يومي


(١) "المفهم" ٤/ ٢٠٨.