كَذَاكَ مِفْعَلٌ وَمَا تَلِيهِ … تَا الْفَرْقِ مِنْهُ فَشُذُوذٌ فِيهِ
ووقع عند الإسماعيليّ من طريق محمد بن بشر، عن هشام بن عروة، بلفظ: "كانت تُعيّر اللاتي وهبن أنفسهنّ" بعين مهملة، وتشديد.
(عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ) هذا ظاهر في أن الواهبة أكثر من واحدة، ففي حديث سهل بن سعد عند الشيخين: "إذ قالت امرأة: إني وهبت نفسي لك".
وقد روى أحمد في "مسنده" بإسناد حسن، من طريق الحضرميّ بن لاحق، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أن امرأة أتت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، ابنة لي كذا وكذا، ذكرت من حسنها وجمالها، فآثرتك بها، فقال: "قد قَبِلْتها"، فلم تزل تمدحها، حتى ذكرت أنها لم تُصدَع، ولم تَشتَكِ شيئًا قط، قال: "لا حاجة لي في ابنتك"، وهذه امرأة أخرى بلا شكّ.
وعند ابن أبي حاتم من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "التي وهبت نفسها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - هي خولة بنت حكيم".
ومن طريق الشعبيّ قال: من الواهبات: أمّ شَريك، وأخرجه النسائيّ من طريق عروة.
وعند أبي عبيدة معمر بن المثنّى: أن من الواهبات فاطمة بنت شُريح.
وقيل: إن ليلى بنت الخَطِيم ممن وهبت نفسها له.
ومنهنّ زينب بنت خُزيمة، جاء عن الشعبيّ، وليس بثابت.
وخولة بنت حكيم، وهو في "صحيح البخاريّ".
ومن طريق قتادة، عن ابن عباس، قال: التي وهبت نفسها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - هي ميمونة بنت الحارث، وهذا منقطع، وأورده من وجه آخر مرسل، وإسناده ضعيف.
ويعارضه حديث سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: "لم يكن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة وهبت نفسها له"، أخرجه الطبريّ، وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان مباحًا له؛ لأنه راجع إلى إرادته؛ لقوله تعالى: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: ٥٠].
(لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) متعلّق بـ "وهبن" (وَأَقُولُ: وَتَهَبَ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا؟) بتقدير