للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هنّ الواهبات أنفسهنّ، تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهنّ، وترك منهنّ.

وقال الزهريّ ما علمنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرجأ أحدًا من أزواجه، بل آواهنّ كلهنّ.

وقال ابن عباس وغيره: المعنى في طلاق من شاء، ممن حصل في عصمته، وإمساك من شاء، وقيل غير هذا، وعلى كل معنى، فالآية معناها التوسعة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والإباحة، وما اخترناه أصحّ. انتهى كلام أبي عبد الله القرطبيّ - رحمه الله - (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق أن أرجح الأقوال هو ما دلّ عليه ظاهر الآية الكريمة، وحديث عائشة - رضي الله عنها - المذكور في الباب أنه - صلى الله عليه وسلم - خُصّ بعدم وجوب القسم، فلا يجب عليه، ولكنه كان يَقْسِم من قبل نفسه؛ لكرمه، وحسن عشرته، ورأفته بأزواجه، فظهر به مصداق قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) وقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)}، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم خير لأهله، وأنا خيركم لأهلي" (٢)، فصلى الله وسلم، وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٣٦٣٢] (. . .) - (وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: أَمَا تَسْتَحْيِي امْرَأَةٌ تَهَبُ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ؟ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}، فَقُلْتُ: إِنَّ رَبَّكَ لَيُسَارِعُ لَكَ فِي هَوَاكَ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ) الكلابيّ، أبو محمد الكوفيّ، ثقةُ ثبتٌ، من صغار [٨] (ت ١٨٧) أو بعدها (ع) تقدم في "الإيمان" ٦١/ ٣٣٩.


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ١٤/ ٢١٤ - ٢١٥.
(٢) حديث صحيح، أخرجه أحمد، والترمذيّ، وابن ماجه.