للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يتزوّج نسيبةً، إلا إذا تعارض نسيبةٌ غيرُ ديّنة، وغيرُ نسيبة ديّنة، فتُقدّم ذات الدين، وهكذا في كلّ الصفات.

قال الحافظ: وأما قول بعض الشافعيّة: يُستحبّ أن لا تكون المرأة ذات قرابة قريبة، فإن كان مستندًا إلى الخبر فلا أصل له، أو إلى التجربة، وهو أن الغالب أن الولد بين القريبين يكون أحمق، فهو متّجه.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه التجربة غير صحيحة، فقد وُلد الحسن، والحسين - رضي الله عنهما - من فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي بنت عم عليّ - رضي الله عنهما -، فأين الْحُمْقُ؟ وَقِسْ غيرهما عليهما، والغريب نقل الحافظ له، وتقريره عليه، والله المستعان.

قال: وأما ما أخرجه أحمد، والنسائيّ، وصححه ابن حبان، والحاكم، من حديث بريدةَ - رضي الله عنه - رفعه: "أن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المال"، فيَحْتَمِل أن يكون المراد أنه حسب من لا حسب له، فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له، ومنه حديث سمرة - رضي الله عنه - رفعه: "الحسب المال، والكرم التقوى"، أخرجه أحمد، والترمذيّ، وصححه هو، والحاكم.

وبهذا الحديث تمسك من اعتبر الكفاءة بالمال (١)، قال: أو أن من شأن أهل الدنيا رفع من كان كثير المال، ولو كان وضيعًا، ووضع من كان مُقِلًّا ولو كان رفيع النسب، كما هو موجود مشاهد، فعلى الاحتمال الأول يمكن أن يؤخذ من الحديث اعتبار الكفاءة بالمال (٢)، لا على الثاني؛ لكونه سيق في الإنكار على مَن يفعل ذلك.

وقد أخرج مسلم الحديث (٣) من طريق عطاء، عن جابر - رضي الله عنه -، وليس فيه ذكر الحسب، اقتَصَر على الدين، والمال، والجمال. انتهى (٤).


(١) قال الجامع: قد تقدّم أن الحقّ أنه لا اعتبار في الكفاءة إلا بالدين، وما عدا ذلك من النسب، والمال، والحرفة، وغير ذلك، وإن قال به جلّ الفقهاء، فلا دليل يؤيّده، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(٢) قد عرفت ما فيه، فتنبّه.
(٣) يعني الحديث التالي.
(٤) "الفتح" ١١/ ٣٦٤.