للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلجَمَالِهَا) قال في "الفتح": يؤخذ منه استحباب تزويج الجميلة، إلا إن تعارض الجميلة غير الديّنة، وغير الجميلة الديّنة، نعم لو تساوتا في الدين، فالجميلة أولى، ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات، ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أخذ استحباب تزويج الجميلة من هذا الحديث محلّ نظر؛ إذ الصحيح أن الحدث خبر عن واقع الناس الجاري بينهم فيما يتعلّق بشأن النكاح، لا أنه أمر بذلك، حتى يُستفاد منه ما ذُكر، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(وَلدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ) وفي بعض النسخ: "فاطلب ذات الدين"، أي اطلبها حتى تفوز بها، وتكون محصّلًا بها غاية المطلوب، وفي حديث جابر - رضي الله عنه -: "فعليك بذات الدين".

قال في "الفتح": والمعنى: أن اللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كلّ شيء، لا سيّما فيما تطول صحبته، فأمره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية.

وقد وقع في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عند ابن ماجه، رفعه: "لا تَزَوَّجوا النساء لحسنهنّ، فعسى حسنهنّ أن يُرديهنّ - أي يهلكهن - ولا تَزَوّجوهنّ لأموالهنّ، فعسى أموالهنّ أن تُطغيهنّ، ولكن تزوّجوهنّ على الدين، ولأمة خَرماء سوداء ذات دين أفضل" (٢). انتهى (٣).

(تَرِبَتْ يَدَاكَ") من باب تَعِبَ: أي افتقرتا، كأنهما لصقتا بالتراب، وقال في "الفتح": أي لصقتا بالتراب، وهي كناية عن الفقر، وهو خبر بمعنى الدعاء، لكن لا يراد به حقيقته، وبهذا جزم صاحب "العمدة"، زاد


(١) "الفتح" ١١/ ٣٦٤ - ٣٦٥.
(٢) لكن الحديث في إسناده عبد الرحمن بن زياد الإفريقيّ، وقد ضعّفه الأكثرون، ووثقه أحمد بن صالح المصريّ وغيره، ويشهد لحديثه هذا حديث الباب، فالظاهر أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن، فتأمل، والله تعالى أعلم.
(٣) "الفتح" ١١/ ٣٦٥.