٦ - (ومنها): أن فيه مشروعيّة. خدمة المرأة زوجها، ومن كان منه بسبيل، من ولد، وأخ، وعائلة، وأنه لا حرج على الرجل في قصده ذلك من امرأته، وإن كان ذلك لا يجب عليها، لكن يؤخذ منه أن العادة جارية بذلك، فلذلك لم ينكره النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، هكذا قال في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في قوله: "وإن كان ذلك لا يجب عليها" نظرٌ لا يخفى، ومن أيّ دليل استنبط هذا؟، والله - سبحانه وتعالى - يقول:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الآية [البقرة: ٢٢٨]، فأوجب الله على النساء مثل ما أوجب لهنّ على الرجال مما جرى العرف به، وقد جرى العرف بأن الزوجة تخدم زوجها، وتقوم على بيته، وأولاده، فالحقّ أن خدمة الزوجة لزوجها، وقيامها بمهمات بيته مما أوجبه الشرع الشريف.
وقد عقد الإمام ابن قيّم الجوزيّة - رحمه الله - في كتابه النافع "زاد المعاد في هدي خير العباد" فصلًا مفيدًا جدًّا، أحببت إيراده لأهميّته، ونفاسته، قال - رحمه الله -:
[فصل]: في حكم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في خدمة المرأة لزوجها:
قال ابن حبيب في "الواضحة": حكم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وبين زوجته فاطمة حين اشتكيا إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة، خدمةِ البيت، وحكم على عليّ بالخدمة الظاهرة، ثم قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: العَجْن، والطَّبْخ، والفَرْش، وكَنْسُ البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كلّه.
وفي "الصحيحين": أن فاطمة - رضي الله عنها - أتت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرَّحَى، وتسأله خادمًا، فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنها -، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته، قال عليّ: فجاءنا، وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقومُ، فقال:"مكانكما"، فجاء، فقعد بيننا، حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال: "ألا أدلّكما على ما هو خيرٌ لكما مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما،