للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فسبّحا الله ثلاثًا وثلاثين، واحمَدَا ثلاثًا وثلاثين، وكبّرا أربعًا وثلاثين، فهو خيرٌ لكما من خادم"، قال عليّ: فما تركتها بعدُ، قيل: ولا ليلة صفّين؟ قال: ولا ليلة صفّين.

وصحّ عن أسماء أنها قالت: كنت أخدُم الزبير خدمة البيت كلّه، وكان له فرَسٌ، وكنت أسوسه، وكنت أحتشّ له، وأقوم عليه (١)، وصحّ عنها أنها كانت تعلف فرسه، وتسقي الماء، وتخرز الدلو، وتعجِن، وتنقُل النوى على رأسها من أرض له على ثُلثي فرسخ (٢).

فاختلف الفقهاء في ذلك، فأوجب طائفة من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت. وقال أبو ثور: عليها أن تخدُم زوجها في كلّ شيء.

ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها في شيء، وممن ذهب إلى ذلك مالكٌ، والشافعيّ، وأبو حنيفة، وأهل الظاهر، قالوا: لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع، لا الاستخدام، وبذل المنافع، قالوا: والأحاديث المذكورة إنما تدلّ على التطوّع، ومكارم الأخلاق، فأين الوجوب منها؟.

واحتجّ من أوجب الخدمة بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله - عز وجل - بكلامه، وأما ترفيهُ المرأة، وخدمة الزوج، وكنسه، وطحنه، وعَجْنه، وغسيله، وفرشه، وقيامه بخدمة البيت، فمن المنكر، والله تعالى يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨]، وقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الآية [النساء: ٣٤]، وإذا لم تخدمه المرأة، بل يكون هو الخادم لها، فهي القوّامة عليه.

وأيضًا فإن المهر في مقابلة البضع، وكلٌّ من الزوجين يقضي وطره من صاحبه، فإنما أوجب الله - عز وجل - نفقتها، وكسوتها، ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها، وما جرت به عادة الأزواج.


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" ٦/ ٣٥٢ بإسناد صحيح.
(٢) أخرجه أحمد أيضًا في "مسنده" ٦/ ٣٤٧ بإسناد صحيح.