أيضًا: طعام الزِّفاف، وهو مذكّرٌ؛ لأنه اسم للطعام. انتهى (١). (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَبِكْرًا تَزَوَّجْتَهَا، أَمْ ثَيِّبًا؟ ") ونصب "بكرًا"، و"ثيّبًا" على الحال من المفعول (قَالَ) جابر - رضي الله عنه - (قُلْتُ: بَلْ) تزوّجتها (ثَيِّبًا) حال من مفعول العامل المقدّر (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("هَلَّا جَارِيةً تُلَاعِبُهَا، وَتُلَاعِبُكَ؟ " قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ) أي قارب قدومنا إليها (ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَمْهِلُوا) أي اتّئدوا، ولا تعجلوا (حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا) ثم فسّر الراوي - ولم يتبيّن لي من هو؟ - المراد بالليل بقوله:(أَيْ عِشَاءً) أي وقت العشاء، وإنما فسّره بهذا؛ لأن الليل يُطلق على أوله، ونصّه، وآخره، فربّما توهّم متوهّم إطلاقه، فقيّده بأنه يريد أوله (كَيْ تَمْتَشِطَ) أي تُسرّح شعرها (الشَّعِثَةُ) بفتح، فكسر: أي المتغيّرة الحال والهيئة (وَتَسْتَحِدَّ) أي تستعمل الحديدة في شعر العانة، وهو إزالته بالموسى، قال النوويّ: والمراد ها هنا إزالته كيف كانت (الْمُغِيبَةُ") بضم الميم، وكسر الغين المعجمة، وإسكان الياء، أي التي غاب عنها زوجها، يقال: أغابت المرأة، فهي مُغيبة بالهاء: إذا غاب زوجها، وأشهدت: إذا حضر زوجها، فهي مُشْهِدٌ بغير هاء.
وفي هذا الحديث التنبيه على رعاية المصالح الجزئيّة في الأهل، والإرشاد إلى مكارم الأخلاق، والشفقة على المسلمين، والاحتراز من تتبّع العورات، وتحسين المعاشرة، واجتلاب دوام الصحبة، وذلك أن المرأة تكون في حالة غيبة زوجها على حالةِ بَذَاذة، وقلّة مبالاة بنفسها، وشعث، فلو قَدِم الزوج عليها، وهي في تلك الحال ربّما نَفَر منها، وزَهِدَ فيها، وهانت عليه، فنبّه - صلى الله عليه وسلم - على ما يزيل ذلك.
ولا يعارض قوله في هذا الحديث:"حتى ندخل ليلًا" نهيه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر عن أن يَطرُق الرجل أهله، أي يأتيهم ليلًا؛ لأن ذلك إذا لَمْ يتقدّم إليهم خبره؛ لئلا يستغفلهم، ويرى منهم ما يكرهه، وقد جاء مبيّنًا في حديث أنس - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يطرق أهله ليلًا، وكان يأتيهم غُدْوةً أو عشيّةً"، متّفقٌ عليه، وقد جاء في حديث النهي عن الطُّروق التنبيه على علّة أخرى، وهي أنه لا يطرقهم يتخوّنهم، ويطلب عَثَراتهم، وهو معنى آخرُ غير