للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البعير؛ لأن جابرًا قال في الحديث في رواية أبي داود: "بعته" يعني بعيره من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، واشترطت حُملانه إلى أهله، وقال في آخره: "تراني إنما ماكستك لأذهب بجملك؟ خذ جملك وثمنه، فهما لك"، وقال أهل اللغة: البعير: الجمل البازل، وقيل: الْجَذَع، وقد يكون للأنثى، ويجمع على أبعرة، وأباعر، وأباعير، وبِعران وبُعران، قاله في "العمدة" (١).

وقوله: (وَأَعْيَا) أي عجز عن الذهاب إلى مقصده؛ لعِيِّه، وعجزه عن المشي، يقال: عَيِيت بأمري إذا لَمْ تهتد لوجهه، وأعياني هو، ويقال: أعيى فهو مُعْيي، ولا يقال: عيا، وأعياه الله، كلاهما بالألف يستعمل لازمًا ومتعديًا (٢).

(فَتَخَلَّفْتُ، فَنَزَلَ) أي نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن راحلته.

(فَحَجَنَهُ بِمِحْجَنِهِ) - بالحاء المهملة، والجيم، والنون، يقال: حجنت الشيء: إذا اجتذبته بالْمِحْجَن إلى نفسك، والْمِحْجن بكسر الميم: عصًا في رأسه اعوجاجٌ، يلتقط به الراكب ما سقط منه.

وقوله: (فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَكُفُّهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي لئلا يتقدّم على راحلته.

(ثُمَّ قَالَ: "أَتَبِيعُ جَمَلَكَ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ، فَاشْتَرَاهُ مِنِّي بِأُوقِيَّةٍ) هي أربعون درهمًا، وقد اختلفت الروايات في ثمن جمل جابر هذا، وفي اشتراطه ظهره إلى المدينة، وغير ذلك، وسيأتي البحث فيه مستوفًى في "كتاب البيوع" إن شاء الله تعالى.

وقوله: (ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ) ظاهر هذه الرواية تناقض الرواية الأخرى: "فتقدّمت الناس إلى المدينة"؛ لأن في إحداهما أنه تقدم الناس إلى المدينة، وفي الأخرى أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَدِم قبله، فيَحْتَمِل في الجمع بينهما أن يقال: إنه لا يلزم من قوله: "فتقدمت الناس" أن يستمرّ سبقه لهم؛ لاحتمال أن يكونوا لَحِقُوه بعد أن تقدمهم، إما لنزوله لراحة، أو نوم، أو غير ذلك، ولعله امتثل أمره - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يدخل ليلًا فبات دون المدينة، واستمرّ


(١) "عمدة القاري" ١١/ ٢١٥.
(٢) "عمدة القاري" ١١/ ٢١٥.