للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يده فيه، فإذا هو مبلول، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا مَن غَشّ" (١).

وأخرج أحمد في "مسنده"، من حديث أبي بردة بن نيار - رضي الله عنه - قال: انطلقت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى نَقِيع المصلَّى، فأدخل يده في طعام، ثم أخرجها، فإذا هو مغشوش، أو مُخْتَلِف، فقال: "ليس منا من غشنا"، وفي سنده شريك بن عبد الله، وجُميع بن عُمير متكلّم فيهما.

(فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا) أي نداوةً، ورطوبةً، قال في "القاموس": "الْبَلَلُ" محرّكةً، والْبِلّةُ، والْبِلالُ بكسرهما، والْبُلالةُ بالضمّ: النُّدْوَةُ (٢)، وبَلَّهُ بالماء بَلًّا، وبِلَّةً بالكسر، وبلّله، فابتلّ، وتَبَلَّلَ، وككتاب: الماء، ويُثلَّثُ، وكلُّ ما يُبلُّ به الحلق. انتهى (٣).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - مستفسرًا سبب البلل ("مَا) استفهاميّة، أي أيُّ شيء (هَذَا) البللُ (يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ ") أي ما سبب رطوبة باطن طعامك هذا؟ (قَالَ) صاحب الطعام (أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ) وفي رواية أبي عوانة: "قال: يا رسول الله أصابه مطرٌ، فهو هذا البلل الذي ترى".

و"السماء": المطر، سُمّي بذلك؛ لنزوله من السماء، وأصل السماء: كلُّ ما علاك، فأظلّك، قاله القرطبيّ (٤).

وقال الفيّوميّ: السماء المطر: مؤنّثةٌ؛ لأنها في معنى السحابة، وجمحُها سُمِيٌّ، على فُعُولٍ، والسماءُ السقف: مذكّرٌ، وكل عال سماءٌ حتى يقال لظهر الفرس: سماءٌ، ومنه: ينزل من السماء، قالوا: من السقف، والنسبة إلى السماء سمائيٌّ بالهمز على لفظها، وسماويّ بالواو اعتبارًا بالأصل، وهذا حكم الهمزة إذا كانت بدلًا، أو أصلًا، أو كانت للإلحاق. انتهى (٥).

وقال ابن منظور: السماء: المطر مذكَّرٌ، يقال: ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم: أي المطر، ومنهم من يؤنّثه، وإن كان بمعنى المطر، كما يذكّر


(١) أخرجه أبو داود في "سننه" بسند صحيح برقم (٢٩٩٥).
(٢) "النُّدْوة" بضمّ، فسكون، ويقال أيضًا: النَّدَاوة بالفتح، راجع: "المصباح" ٢/ ٥٩٩.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٨٧١.
(٤) "المفهم" ١/ ٣٠٠.
(٥) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٠.