٣ - (ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين غير شيخه يحيى، فنيسابوريّ، وقد دخل الكوفة أيضًا.
٤ - (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: الأعمش، عن عبد الله بن مرّة، عن مسروق.
٥ - (ومنها): أن صحابيّه - رضي الله عنه - ذو مناقب جمّة، فهو أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد كبار العلماء من الصحابة - رضي الله عنهم -، وأحد من أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأخذ القرآن عنه، وأمّره عمر - رضي الله عنه - على الكوفة، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ مِنَّا) أي من أهل سنتنا، وطريقتنا، وليس المراد به إخراجه عن الدين، ولكن فائدة إيراده بهذا اللفظ المبالغةُ في الردع عن الوقوع في مثل ذلك، كما يقول الرجل لولده عند معاتبته: لستُ منك ولستَ مِنّي، أي ما أنت على طريقتي.
وقال الزين ابن الْمُنَيِّر رحمه الله تعالى، ما ملخصه: التأويل الأول يستلزم أن يكون الخبر إنما وَرَدَ عن أمر وجوديّ، وهذا يُصان كلام الشارع عن الحمل عليه، والأَولى أن يقال: المراد أن الواقع في ذلك يكون قد تَعَرَّض لأن يُهْجَر، ويُعْرَض عنه، فلا يَختلِط بجماعة السنة؛ تأديبًا له على استصحابه حالة الجاهلية التي قَبَّحها الإسلام، فهذا أولى من الحمل على ما لا يستفاد منه قدر زائد على الفعل الموجود.
وقد تقدّم عن سفيان بن عيينة أنه كان يَكْرَه الخوض في تأويله، ويقول: ينبغي أن يُمْسَك عن ذلك؛ ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزجر.
وقيل: المعنى ليس على ديننا الكامل: أي أنه خَرَج من فرع من فروع الدين، وإن كان معه أصله، حكاه ابن العربيّ.
قال الحافظ: ويظهر لي أن هذا النفي يُفَسِّره التبري الآتي في حديث أبي موسى - رضي الله عنه - التالي لهذا الحديث بعد باب، حيث قال: "فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريء … "، وأصل البراءة الانفصال من الشيء، وكأنه تَوَعَّده بأن لا يُدخله في شفاعته مثلًا.