للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال المهلب: قوله: "أنا بريء": أي من فاعل ما ذُكِر وقت ذلك الفعل، ولم يُرد نفيه عن الإسلام.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم عن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أنه قال: إن الصواب في مثل هذا الحديث أن المراد به نفي كمال الإيمان الواجب، لا نفي أصل الإيمان، ولا نفي الكمال المستحبّ، وفاعل ذلك معه من الإيمان ما يستحقّ به مشاركة المؤمنين في اسم الإيمان، وفي بعض الثواب، ومعه من الكبيرة ما يستحقّ به العقاب والوصم بالفسوق (١)، وهذا تحقيق حسنٌ، والله تعالى أعلم.

(مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ) ولفظ البخاريّ: "من لَطَمَ الخدود"، وهو بمعناه، يقال: لطَمَت المرأة وجهَهَا لَطْمًا، من باب ضَرَبَ: ضربته بباطن كفّها، قاله الفيّوميّ (٢).

و"الْخُدُود" - بالضمّ -: جمع خَدّ - بالفتح -، كفَلْس وفُلُوس، وهو: مِنَ الْمَحْجِرِ (٣) إلى اللَّحْي، قاله في "المصباح".

وقال في "القاموس": "الْخَدّان" - بالفتح - و"الخُدّتَان" - بالضمّ -: ما جاوز مؤخَّر العينين إلى منتهى الشِّدْق، أو اللذان يكتنفان الأنف عن يمين وشِمَال، أو من لَدُن الْمَحْجِرِ إلى اللِّحْي، مذكَّرٌ. انتهى (٤).

وإنما خصَّ الْخَدَّ بذلك؛ لكونه الغالب في ذلك، وإلا فضرب بقية الوجه داخل في ذلك أيضًا.

(أَوْ شَقَّ الْجُيُوبَ) ولفظ البخاريّ: "وشَق" بالواو، وهي التي سيشير إليها المصنّف من رواية جرير، وعيسى بن يونس.

ثم إن الواو في هذه الرواية بمعنى "أو"، فالحكم في كلّ واحد منها، لا


(١) راجع: "مجموع الفتاوى" ١٩/ ٢٩٣ - ٢٩٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٥٣.
(٣) "الْمَحْجِرُ": وزانُ مَجْلِس، ومِنبَر: الْحَديقة، ومن العين ما دار بها، وبدا من البُرْقُع، أو ما يظهر من نِقَابها. انتهى. "القاموس".
(٤) "القاموس المحيط" ص ٢٥٣.