للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"الْعُكّة" بضمّ العين المهملة، وتشديد الكاف: إناء السمن، أصغر من الْقِربة، جمعه عُكَكٌ، بضمّ، ففتح، وعِكاك، بالكسر، أفاده المجد (١).

(فَسَقَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا) أداة استفتح وتنبيه، كـ "ألا" (وَاللهِ لنَحْتَالَنَّ لَهُ) أي لنطلبنّ له الحيلة، وهي - كما في "المصباح" - الْحِذْق في تدبير الأمور، وهو تقليب الفكر حتى يهتدي إلى المقصود، والمعنى: لنفعلنّ فعلًا، يجعله كارهًا هذا العسل.

وقال الكرمانيّ - رحمه الله -: كيف جاز على أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاحتيال؟ وأجاب بأنه من مقتضيات الغيرة الطبيعيّة للنساء، وهو صغيرة معفوّ عنها، مكفَّرة. انتهى.

(فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ) بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس العامريّة القُرشيّة، أم المؤمنين - رضي الله عنها -، توفيت سنة (٥٥) وقيل غير ذلك، ولها في "صحيح مسلم" ذكر، بلا رواية، وتقدّمت ترجمتها في "الرضاع" [١٤/ ٣٦٢٩]. (وَقُلْتُ: إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ، فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَقُولِي لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟) وفي رواية حماد بن سلمة: "إذا دخل على إحداكنّ، فلتأخذ بأنفها، فإذا قال: ما شأنك؟ فقولي: ريح المغافير"، وقد تقدم شرح المغافير في الحديث الماضي.

(فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: لَا) أي: لم آكل المغافير (فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ) أي: غير الطيب، وفي رواية يزيد بن رُومان، عن ابن عباس: "وكان أشدّ شيء عليه أن يوجد منه ريحٌ سَيِّئٌ"، وفي رواية حماد بن سلمة: "وكان يَكره أن يوجد منه ريح كريهةٌ؛ لأنه يأتيه المَلَك"، وفي رواية ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: "وكان يعجبه أن يوجد منه الريح الطيب" (٢).

(فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ) وفي رواية حماد بن سلمة: "إنما هي عُسيلة، سقتنيها حفصة" (فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ) - بفتح الجيم والراء، بعدها مهملة - من بابي نصر، وضرب: والنحل مؤنّثة، ولذا لحِقت تاءُ التأنيث الفعلَ؛ أي: رَعَت نحلُ هذا العسل الذي شربته الشجرَ المعروف


(١) "القاموس المحيط" ٣/ ٣١٣.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٦٠.