(دَارَ عَلَى نِسَائِهِ) من الدوران، وفي رواية البخاريّ:"دخل على نسائه"، من الدخول، وفي رواية له:"أجاز على نسائه"؛ أي: مشى، ويجيء "أجاز" بمعنى قَطَع المسافة، ومنه حديث:"فأكون أنا وأمتي أول من يُجيز" أي: أول من يقطع مسافة الصراط.
(فَيَدْنُو مِنْهُنَّ) أي: فيُقبّل، ويباشر من غير جماع، كما في الرواية الأخرى، وإنما كان يفعل ذلك تأنيسًا لهنّ، وتطييبًا لقلوبهنّ حتى ينفصل عنهنّ إلى التي هو في يومها، ويتركهنّ طيّبات قلوبهن.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "دار على نسائه إلخ" يُستدلّ بهذا لأحد القولين المتقدّمين، وهو أن النبيّ لم يكن القَسْم عليه واجبًا، ويُمكن أن يُصرف عن ذلك، بأن يقال: إن ذلك إنما كان يفعله؛ لأنهنّ كنّ قد أذِنّ له في ذلك، بدليل ما جاء أنه كان يستأذنهن إذا كان في يوم المرأة منهنّ.
وقد يستدلّ من يرى القَسْم واجبًا عليه، لكنه بالليل دون النهار.
وقال الداوديّ: كأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جعل ما بعد العصر مُلْغًى؛ أي: جعله وقتًا مشتركًا لجميعهنّ. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم أن الأرجح عدم وجوب القَسْم عليه - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه كان يعمل بالقسم من عنده، دون أن يجب عليه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ) بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، تزوّجها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سنة ثلاث من الهجرة، وماتت سنة (٤٥) وتقدّمت ترجمتها في "صلاة المسافرين وقصرها" ١٥/ ١٦٧٦. (فَاحْتَبَسَ)؛ أي: أقام (عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ) ووقع في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - بيان ذلك، ولفظه:"فأنكرت عائشة احتباسه عند حفصة، فقالت لجويرية حبشية عندها، يقال لها: خضراء: إذا دخل على حفصة، فادخلي عليها، فانظري ما يصنع؟ "(فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ) لم تُعرف (مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ) وفي حديث ابن عبّاس: "أنها أهديت لحفصة عُكّة عسل من الطائف".