للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال في "الفتح": ضُبِط "أبادئه" في أكثر الروايات بالموحدة، من المبادأة، وهي بالهمزة، وفي بعضها بالنون بغير همزة، من المناداة، وأما "أُبادره" في رواية أبي أسامة، فمن المبادرة، ووقع فيها عند الكشميهنيّ، والأصيليّ، وأبي الوقت كالأول بالهمزة بدل الراء، وفي رواية ابن عساكر بالنون. انتهى (١).

وقوله: (فَرَقًا مِنْكِ) بفتحتين؛ أي: خوفًا من لومك، وهو مفعول له لفعل المقاربة (فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: "لَا"، قَالَتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ؟ قَالَ: "سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ" قَالَتْ: جَرَسَتْ) أي: رَعَتْ (نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ، قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ، فَقَالَتْ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ) أي: في اليوم الثاني (قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا أَسْقِيكَ) بفتح الهمزة، وضمّها، يقال: سقاه، وأسقاه، قال تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١]، وقال: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن: ١٦] (مِنْهُ) أي: من ذلك العسل (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا حَاجَةَ لِي بِهِ") كأنه اجتنبه لِمَا وقع عنده من توارد النسوة الثلاث على أنه نشأت من شربه له ريح منكرة، فتركه؛ حسْمًا للمادّة (قَالَتْ) عائشة (تَقُولُ سَوْدَةُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ) بتخفيف الراء؛ أي: منعناه ذلك العسل، يقال: حرمته، وأحرمته، والأول أفصح، قاله النوويّ (٢).

وقال المجد - رحمه الله -: وحَرَمَهُ الشيءَ، كضَرَبه، وعَلِمه: منعه، وأحرمه لُغيّةٌ. انتهى (٣).

وأحرمته بالألف، والأول أفصح (قَالَتْ) عائشة (قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي) كأنها خَشِيت أن يفشو ذلك، فيَظْهَر ما دَبَّرته من كيدها لحفصة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ١٢/ ٦٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ٧٧.
(٣) "القاموس المحيط" ٤/ ٩٤.