(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا مطوّلًا متّفقٌ عليه، وأما تخريجه، فقد تقدّم في الحديث الماضي.
(المسألة الثانية): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه دليلًا على استعمال مباحات لذائذ الأطعمة، والميل إليها؛ خلافًا لما يذهب إليه أهل التعمّق، والغلوّ في الدين، قاله القرطبيّ رحمه الله (١).
٢ - (ومنها): أن فيه فضيلة الحلواء والعسل؛ لمحبّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إياهما.
٣ - (ومنها): بيان ما جُبلت عليه النساء من الغيرة، وأن الغيراء تُعذر فيما يقع منها من الاحتيال فيما يدفع عنها ترفّع ضرّتها عليها بأيّ وجه كان، وقد ترجم عليه البخاريّ رحمه اللهُ في "صحيحه" في "كتاب الحيل": "باب ما يُكرَه من احتيال المرأة من الزوج والضرائر".
٤ - (ومنها): أن فيه الأخذَ بالحزم في الأمور، وترك ما يشتبه الأمر فيه من المباح، خشية من الوقوع في المحذور.
٥ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الصبر، وأنه كان غاية فيه، ونهاية في الحلم، والكرم الواسع -صلى الله عليه وسلم-.
٦ - (ومنها): أن فيه ما يشهد بعلوّ مرتبة عائشة -رضي الله عنها- عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حتى كانت ضرّتها تهابها، وتطيعها في كلّ شيء تأمرها به، حتى في مثل هذا الأمر مع الزوج الذي هو أرفع الناس قدرًا.
٧ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى ورع سودة -رضي الله عنها-؛ لِمَا ظهر منها من التندّم على ما فعلت؛ لأنها وافقت أوّلًا على دفع ترفّع حفصة عليهنّ بمزيد الجلوس عندها بسبب العسل، ورأت أن التوصّل إلى بلوغ المراد من ذلك بِحَسْم مادّة شرب العسل الذي هو سبب الإقامة، لكن أنكرت بعد ذلك أنه يترتّب عليه منع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من أمر كان يشتهيه، وهو شرب العسل، مع ما تقدّم من اعتراف عائشة الآمرة لها بذلك في صدر الحديث، فأخذت سودة تتعجّب مما وقع