للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو سلمة أحد الفقهاء السبعة على بعض الأقوال، وفيه عائشة - رضي الله عنها - من المكثرين السبعة، روت (٢٢١٠) أحاديث، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) الزهريّ المدنيّ (أَنَّ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (قَالَتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ) ورد في سبب هذا التخيير اختلاف الروايات، وسيأتي البحث فيه في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.

(بَدَأَ بِي) أي: بدأ بالدخول عليها حين كَمُل الشهر، وأراد الرجوع إلى أزواجه، وفيه فضل عائشة - رضي الله عنها -؛ لبداءته بها، كذا قرّره النوويّ رحمه اللهُ.

قال الحافظ رحمه الله: لكن رَوَى ابن مردويه من طريق الحسن، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها طلبت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبًا، فأمر الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم - أن يُخيّر نساءه: أَمَا عند الله تُردن، أم الدنيا؟ فإن ثبت هذا، وكانت هي السبب في التخيير، فلعلّ البداءة بها لذلك، لكن الحسن لم يسمع من عائشة، فهو ضعيف، وحديث جابر في أن النسوة كنّ يسألنه النفقة أصحّ طريقًا منه.

وإذا تقرّر أن السبب لم يتّحد فيها، وقُدّمت في التخيير دلّ على المراد، لا سيّما مع تقديمه لها أيضًا في البداءة بها في الدخول عليها. انتهى (١).

(فَقَالَ: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي) أي: فلا بأس عليك في التأني، وعدم العجلة، حتى تشاوري أبويك (حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ) أي: تطلبي منهما أن يُبَيِّنا لك رأيهما في ذلك، ووقع في حديث جابر - رضي الله عنه -: "حتى تستشيري أبويك"، زاد محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة: "إني عارض عليك أمرًا، فلا تفتاتي فيه بشيء، حتى تَعْرِضيه على أبويك: أبي بكر، وأُمّ رُومان"، أخرجه أحمد، والطبريّ، ويستفاد منه أن أم رُومان كانت يومئذ موجودة، فيُرَدّ به على من زعم أنها ماتت سنة ست من الهجرة، فإن التخيير


(١) "الفتح" ٩/ ٤٧٧ "كتاب التفسير".