للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان في سنة تسع (١).

قال النوويّ رحمه الله: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا عليك أن لا تعجلي" معناه: ما يضرّك أن لا تعجلي، وإنما قال لها هذا شفقةً عليها، وعلى أبويها، ونصيحةً لهم في بقائها عنده - صلى الله عليه وسلم -، فإنه خاف أن يَحمِلها صغر سنّها، وقلّة تجاربها على اختيار الفراق، فيجب فراقها، فتتضرّر هي وأبواها، وباقي النسوة بالاقتداء بها.

وفي هذا الحديث: منقبة ظاهرة لعائشة، ثم لسائر أمهات المؤمنين - رضي الله عنهنّ - وفيه المبادرة إلى الخير، وإيثار أمور الآخرة على الدنيا، وفيه نصيحة الإنسان صاحبه، وتقديمه في ذلك ما هو أنفع في الآخرة. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قال العلماء: إنما أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عائشة أن تستأمر أبويها؛ خشيةَ أن يحملها صغر السنّ على اختيار الشقّ الآخر؛ لاحتمال أن لا يكون عندها من المَلَكة ما يدفع ذلك العارض، فإذا استشارت أبويها، أوضحا لها ما في ذلك من المفسدة، وما في مقابله من المصلحة، ولهذا لما فطنت عائشة لذلك قالت: "قد علم أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه"، ووقع في رواية عمرة، عن عائشة في هذه القصّة: "وخشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حداثتي"، وهذا شامل للتأويل المذكور. انتهى (٣).

(قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها - (قَدْ عَلِمَ) - صلى الله عليه وسلم -، وقولها: (أَنَّ أَبَوَيَّ) هذا هو الموافق للقواعد؛ لأن المثنّى يُجرّ، ويُنصب، بالياء، فإذا أضيف إلى ياء المتكلّم تدغم ياؤه في ياء المتكلّم، ووقع في بعض نسخ النسائيّ بلفظ "أن أبواي" بالألف، وَيحْتَمِل أن يكون له وجه صحيح، وهو أن يُخرّج على لغة من يُلزم المثنّى الألف في الأحوال كلها.

[فائدة]: ذكر ابن مالك قاعدةَ ما يُضاف إلى ياء المتكلم في "الخلاصة"، حيث قال:

آخِرَ مَا اُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ إِذَا … لَمْ يَكُ مُعْتَلًّا كَرَامٍ وَقَذَى

أَوْ يَكُ كَابْنَيْنِ وَزيدِينَ فَذِي … جَمِيعُهَا الْيَا بَعْدُ فَتْحُهَا احْتُذِي


(١) "الفتح" ١٠/ ٤٩٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ٧٨ - ٧٩.
(٣) "الفتح" ٩/ ٤٧٧.