لكن يشهد له حديث جابر عند مسلم، وفيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"وهنّ حولي كما ترى، يسألنني النفقة"، فقام أبو بكر إلى عائشة يَجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يَجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عنده؟ قلن: والله ما نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا أبدًا، ليس عنده، ثم اعتزلهنّ شهرًا، أو تسعًا وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} الآية، فذكر الحديث. انتهى (١).
وقال في "الفتح": ورد في سبب هذا التخيير ما أخرجه مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه - يعني الآتي آخر الباب -: "قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … " الحديث، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هُنّ حولي كما ترى يسألنني النفقة"، يعني نساءه، وفيه:"ثم اعتزلهنّ شهرًا، ثم نزلت عليه هذه الآية:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ}، حتى بلغ {أَجْرًا عَظِيمًا}، قال: فبدأ بعائشة"، فذكر نحو هذا الحديث.
ويأتي أيضًا في الباب التالي من طريق ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس، عن عمر، في قصة المرأتين اللتين تظاهرتا بطوله، وفي آخره حين أفشته حفصة إلى عائشة، وكان قد قال:"ما أنا بداخل عليهنّ شهرًا، من شِدّة مَوْجِدته عليهنّ، حتى عاتبه الله، فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له: إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرًا، وقد أصبحنا لتسع وعشرين ليلة أعُدّها عدًّا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: الشهر تسع وعشرون، وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين، قالت عائشة: فأنزلت آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة، فقال: إني ذاكر لك أمرًا، فلا عليك أن لا تعجلي … " الحديث، لفظ البخاريّ في "كتاب المظالم".
قال في "الفتح": وهذا السياق ظاهره أن الحديث كله من رواية ابن عباس، عن عمر، وأما المروي عن عائشة، فمن رواية ابن عباس عنها، وقد وقع التصريح بذلك فيما أخرجه ابن أبي حاتم، وابن مردويه، من طريق أبي