للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧ - (ومنها): أنه ذكر بعض العلماء أن من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - تخيير أزواجه، واستند إلى هذه القصّة، ولا دلالة فيها على الاختصاص.

نعم ادّعَى بعض من قال: إن التخيير طلاق أنه في حقّ الأُمّة، واختصّ هو - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك في حقّه ليس بطلاق، لكن الصحيح أن التخيير ليس طلاقًا في حقّ أحد، كما سيأتي تحقيقه - إن شاء الله تعالى -.

٨ - (ومنها): أن بعضهم استدلّ به على ضعف ما جاء أن من الأزواج حينئذ من اختارت الدنيا، ففارقها، وهي فاطمة بنت الضحّاك، لعموم قول عائشة - رضي الله عنها -: "ثم فعل أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعلت".

وذكر ابن العربيّ عن ابن شهاب أن امرأة واحدة منهنّ اختارت نفسها، فذهبت، وكانت بدويّة، اسمها عمرة بنت يزيد الكلابيّة، اختارت الفراق، فذهبت، فابتلاها الله تعالى بالجنون، ويقال: إن أباها تركها ترعى غنمًا له، فصارت في طلب إحداهنّ، فلم يُعلم ما كان من أمرها إلى اليوم.

وذكر ابن سيّد الناس عن أبي عمر أن اسمها فاطمة بنت الضحّاك بن سفيان الكلابيّ، وذكر أنها كانت بعد ذلك تلتقط البعر، وتقول: أنا الشقيّة، اخترت الدنيا.

وهذه الروايات كلّها قد ردّ عليها ابن العربيّ في "أحكام القرآن" (١)، وابن سيّد الناس في "عيون الأثر" (٢)، وقد أشبع القول في ذلك الحافظ في "الإصابة" (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف الروايات في سبب هذه نزول الآية الكريمة:

قال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: سبب نزول آية التخيير فيما روى أبو بكر ابن مردويه في "تفسيره" من حديث الحسن مرسلًا أنّ عائشة - رضي الله عنها -، طلبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبًا، فأمر الله تعالى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - أن يُخيّر نساءه، أَمَا عند الله يُردن، أم الدنيا؟ وهذا مرسل.


(١) راجع: "أحكام القرآن" لابن العربيّ ٢/ ١٦٢.
(٢) راجع: "عيون الأثر" ٢/ ٣١٠.
(٣) راجع: "الإصابة في تمييز الصحابة" ٨/ ٢٧٢ - ٢٧٤.