للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان مَن حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استقام له إلا ملك غَسّان بالشام، فإن الاستقامة التي أشار إليها، إنما وقعت بعد فتح مكة، وقد مضى في غزوة الفتح من حديث عمرو بن سَلِمَة الْجَرْميّ: وكانت العرب تَلَوَّم بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومَهُ، فإن ظهر عليهم فهو نبيّ، فلما كانت وقعة الفتح بادر كلُّ قوم بإسلامهم. انتهى، والفتح كان في رمضان سنة ثمان، ورجوع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة في أواخر ذي القعدة منها، فلهذا كانت سنةُ تسع تُسَمّى سنةَ الوفود؛ لكثرة مَن وَفَدَ عليه من العرب، فظهر أن استقامة مَن حوله - صلى الله عليه وسلم - إنما كانت بعد الفتح، فاقتضى ذلك أن التخيير كان في أول سنة تسع، كما قدمته.

قال: وممن جزم بأن آية التخيير كانت سنة تسع الدمياطيّ وأتباعه، وهو المعتمد. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله الحافظ رحمه الله تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، وخلاصته أن ما وقع في رواية سماك أبي زُميل هذه من قوله: "وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب" غلط ظاهر، والصواب أنه بعد الأمر بالحجاب؛ لأن الأمر به كان في قصّة زواج زينب - رضي الله عنها -، وآية التخيير إنما جاءت في قصّة العسل، أو قصّة مارية.

وأحسن محامل هذه الرواية - كما قال الحافظ - أن يقال: إن الراوي لَمّا رأى قول عمر: إنه دخل على عائشة ظَنّ أن ذلك كان قبل الحجاب، فجَزَم به، لكن جوابه أنه لا يلزم من الدخول رفع الحجاب، فقد يدخل من الباب، وتخاطبه من وراء الحجاب، كما لا يلزم من وَهَم الراوي في لفظة من الحديث أن يُطْرَح حديثه كله، والله تعالى أعلم بالصواب.

(فَقَالَ عُمَرُ) (فَقُلْتُ: لَأَعْلَمَنَّ ذَلِكَ) أي: قول الناس: طلّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وقوله: (الْيَوْمَ) ظرف لـ"أعلمنّ"، وليس مفعولًا به، فتنبّه (قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (فَقُلْتُ: يَا بِنْتَ) وفي بعض النسخ: "يا ابنة" (أَبِي بَكْرٍ) الصدّيق (أَقَدْ بَلَغَ) وفي بعض النسخ: "أَوَ بلغ" والهمزة للاستفهام، والواو عاطفة (مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟) أي: بما جرى مع بقيّة الأزواج من المطالبة بالنفقات (فَقَالَتْ) عائشة (مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّاب، عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ) أي: عليك بخاصّتك، وموضع سرّك، و"الْعَيْبَة" بفتح، فسكون: وعاء