للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَجعل فيه الإنسان أفضل ثيابه، ونفيس متاعه، فشَبّهت بها عائشة حفصة بنت عمر - رضي الله عنهم -، والمراد: عليك بوعظ ابنتك حفصة (قَالَ) عمر - رضي الله عنه - (فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بنْتِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَفْصَةُ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْت، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُحِبُّك، وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وكأنه - رضي الله عنه - يشير إلى ما رواه موسى بن عُليّ، عن أبيه، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: طلّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة بنت عمر، فبلغ ذلك عمر، فحَثَى الترابَ على رأسه، وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها، فنزل جبريل من الغد على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة بعمر".

وفي رواية أبي صالح عند أبي يعلى: دخل عمر على حفصة، وهي تبكي، فقال: لعلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد طلّقك، إنه كان قد طلّقك مرّة، ثم راجعك من أجلي، فإن كان طلّقك مرّة أخرى لا أكلّمك أبدًا (١).

وأخرج ابن سعد، والدارميّ، والحاكم: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - طَلّق حفصة، ثم راجعها"، ولابن سعد مثله من حديث ابن عباس، عن عمر، وإسناده حسنٌ، وأخرج ابن سعد عن قيس بن زيد مرسلًا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلّق حفصة بنت عمر، فأتاها خالاها: عثمان، وقُدامة ابنا مظعون، فبكت، وقالت: والله ما طلّقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شِبَع، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخل عليها، فتجلببت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جبريل عليه السلام أتاني، فقال لي: راجع حفصة، فإنها صوّامة، قوّامةٌ (٢)، وهي زوجتك في الجنّة"، وقيس مختلف في صحبته، ونحوه


(١) راجع: "الإصابة" في ترجمة حفصة - رضي الله عنها - ٤/ ٢٦٥، والحديث حسنٌ، كما قال الشيخ الألبانيّ رحمه الله.
(٢) قال الشيخ الألبانيّ رحمه اللهُ في "السلسلة الصحيحة" (٥/ ١٥) - بعد إيراده هذا الحديث -: [فائدة]: دلّ الحديث على جواز تطليق الرجل لزوجته، ولو أنها كانت صوّامة قوّامة، ولا يكون ذلك بطبيعة الحال إلا لعدم تمازجها، وتطاوعها معه، وقد يكون هناك أمور داخلية، لا يمكن لغيرهما الاطلاع عليها، ولذلك فإن ربط الطلاق بموافقة القاضي من أسوأ وأسخف ما يُسمع به في هذا الزمان الذي يلهج به كثير من حكامه، وقضاته، وخطبائه بحديث: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق"، وهو حديث ضعيف، كما في "إرواء الغليل"، رقم ٢٠٤٠.