للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ رحمه الله: قولها: "ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان" هذا تصريح بأن معاوية الخاطب في هذا الحديث هو معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وهو الصواب، وقيل: إنه معاوية آخر، وهذا غلط صريح، نَبَّهتُ عليه لئلا يُغْتَرَّ به، وقد أوضحته في "تهذيب الأسماء واللغات" في ترجمة معاوية - رضي الله عنه -، والله أعلم. انتهى (١).

(وَأَبَا جَهْمٍ) قال النوويّ رحمه الله: هو بفتح الجيم، مكبرٌ، وهو أبو الجهم المذكور في حديث الأنبجانية، وهو غير أبو الجهيم المذكور في التيمم، وفي المرور بين يدي المصلي، فإن ذاك بضم الجيم مصغرٌ، وقد أوضحتهما باسميهما ونسبيهما، ووصفيهما في "باب التيمم"، ثم في "باب المرور بين يدي المصلي"، وذكرنا أن أبا الجهم هذا هو ابن حُذيفة القرشيّ العدويّ، قال القاضي عياض: وذكره الناس كلهم، ولم ينسبوه في الرواية، إلا يحيى بن يحيى الأندلسيّ، أحد رواة "الموطأ"، فقال: أبو جهم بن هشام، قال: وهو غلطٌ، ولا يُعْرَف في الصحابة أحد، يقال له: أبو جهم بن هشام، قال: ولم يوافق يحيى على ذلك أحدٌ من رواة "الموطأ"، ولا غيرهم. انتهى (٢).

(خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ)

هو ما بين العُنُق والْمَنكِب، قال النوويّ رحمه الله: فيه تأويلان مشهوران: أحدهما: أنه كثير الأسفار، والثاني أنه كثير الضرب للنساء، وهذا أصحّ، بدليل الرواية التي ذكرها مسلم بعد هذه، أنه ضَرّاب للنساء.

قال: وفي هذا استعمال المجاز، وجواز إطلاق مثل هذه العبارة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يضع العصا عن عاتقه وفي معاوية: أنه "صعلوكٌ، لا مال له" مع العلم بأنه كان لمعاوية ثوب يلبسه، ونحو ذلك من المال المحقَّر، وأن أبا الجهم كان يضع العصا عن عاتقه في حال نومه، وأكله، وغيرهما، ولكن لما كان كثير الحمل للعصا، وكان معاوية قليل المال جدًّا، جاز إطلاق هذا اللفظ عليهما مجازًا، ففي هذا جواز استعمال مثله في نحو هذا، وقد نص عليه أصحابنا.


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ٩٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ٩٧.