للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وفيه دليل على جواز ذكر الإنسان بما فيه عند المشاورة، وطلب النصيحة، ولا يكون هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة، وقد قال العلماء أن الغيبة تباح في ستة مواضع. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد نظمت تلك المواضع الستّة بقولي:

يَا طَالِبًا فَائِدَةً جَلِيلَهْ … اعْلَمْ هَدَاكَ اللهُ لِلْفَضِيلَهْ

أَنَّ اغْتِيَابَ الشَّخْصِ حَيًّا أَوْلَى … مُحَرَّمٌ قَطْعًا بِنَصٍّ يُتْلَى

لَكِنَّهُ لِغَرَضٍ صَحِيحِ … أُبِيحَ عَدَّهَا أُولُو التَّرْجِيحِ

فَذَكَرُوهَا سِتَّةً تَظَلَّمِ … وَاسْتَفْتِ وَاسْتَعِنْ لِرَدْعِ مُجْرِمِ

وَعِبْ مُجَاهِرًا بِفِسْقٍ أَوْ بِدَعْ … بِمَا بِهِ جَاهَرَ لَا بِمَا امْتَنَعْ

وَعَرِّفَنْ بِلَقَبٍ مَنْ عُرِفَا … بِهِ كَقَوْلِكَ رَأَيْتُ الأَحْنَفَا (١)

وَحَذِّرَنْ مِنْ شَرِّ ذِي الشَّرِّ إِذَا … تَخَافُ أَنْ يُلْحِقَ بِالنَّاسِ الأَذَى

وَفِي سِوَى هَذَا احْذَرَنْ لَا تَغْتَبِ … تَكُنْ مُوَفَّقًا لِنَيْلِ الأَرَبِ

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقوله: "أمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه" المعروف: أبو جهم على التكبير، وقد صغَّره بعضهم، وهو: أبو جهم بن حذيفة القرشي، العدوي، وهو صاحب الأَنْبِجَانية، وقد غَلِطَ فيه يحيى بن يحيى الأندلسي فقال: أبو جهم بن هشام، ولا يُعرف في الصحابة من اسمه: أبو جهم بن هشام ولم يوافقه أحد من رواة "الموطأ" على ذلك.

واختُلِف في معنى قوله: "ولا يضع عصاه عن عاتقه" فقيل: معناه: أنَّه ضرَّاب للنساء، كما جاء مفسَّرًا في الرواية الأخرى، وفي أخرى: "فيه شدَّة على النساء"، وقيل: المراد به: أنَّه كثير الأسفار، وقد جاء أيضًا في بعض رواياته في غير كتاب مسلم ما يدلّ على ذلك، غير أن التأويل الأوّل أحسن وأصحّ.

وفيه ما يدلّ: على جواز تأديب النساء بالضرب، لكن غير المبرح، ولا خلاف في جواز ذلك على النشوز، وهو الامتناع من الزوج.

قال بعضهم: واختُلف في ضربهنَّ على خدمة بيوتهن، وهذا إنما يتمشَّى


(١) "الأحنف": هو الأعرج، أو الذي يمشي على ظهر قدميه.