للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على قول من أوجب ذلك عليهنَّ، ولا يعارض هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجلد أحدكم زوجته جَلْدَ العبد، ثمَّ يضاجعها"؛ لأنَّ هذا النهي إنما يقتضي المنع من الضرب المبرح الذي لا يجوز، وهو الشديد المفرط، ولا خلاف في منع مثله. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١).

(وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ، فَصُعْلُوكٌ) بضمّ الصاد المهملة؛ أي: فقير، كما بيّنه بقوله: (لَا مَالَ لَهُ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا تفسير للرواية التي وقع فيها "تَرِبٌ"، وقد تقدَّم أنَّه يقال: تَرِبَ الرجلُ: إذا افتقر، وأترب: إذا استغنى، وفيه ما يدلُّ على أن ذكر مساوئ الخاطب، أو من يُعامِل، أو من يُحتاج إلى قبول قوله، أو فتياه جائز، ولا يعدُّ ذلك غيبة، ولا بُهتانًا؛ إذ لا يذكر ذلك على جهة التنقيص وإضافة العيب إليه، لكن على جهة الإخبار، وأداء النصيحة، وأداء الأمانة، كما فعله أهل الحديث وغيرهم. انتهى (٢).

(انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ") بن شَرَاحيل الكلبيّ الأمير الصحابيّ ابن الصحابيّ، حِبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وابن حبّه - رضي الله عنهما -، أبو محمَّد، وأبو زيد، مات سنة (٥٤ هـ) وهو ابن (٧٥)، تقدّمت ترجمته في "الإيمان" ٤٣/ ٢٨٤.

قال القرطبيّ - رحمه الله -: فيه ما يدلّ على جواز نكاح المولى للقرشية؛ فإن أسامة مولى، وفاطمة قرشية، كما تقدم. وإن الكفاءة المعتبرة هي كفاءة الدين، لا النسب، كما هو مذهب مالك.

وقد رَوَى الدارقطنيّ (٣) عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمِّه قالت: رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال (٤).

(فَكَرِهْتُهُ) بكسر الراء، من باب عَلِمَ؛ أي: لكونه مولًى، وهي قرشيّة (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("انْكِحِي أُسَامَةَ"، فَنَكَحْتُهُ) وفي رواية الشعبي، عن فاطمة، قالت: "خطبني عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وخطبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مولاه أسامة بن زيد، وقد كنت حُدِّثتُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) "المفهم" ٤/ ٢٧١ - ٢٧٢.
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ١٣/ ١٠٢.
(٣) "سنن الدارقطنيّ" ٣/ ٣٠٢.
(٤) "المفهم" ١٣/ ١٠٢.