للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: من أحبني، فليُحبّ أسامة، فلما كلّمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: أمري بيدك، فأنكحني من شئتَ. . .".

وفي رواية أبي سلمة، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عنها، قالت: فلما حللت آذنته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ومن خطبك؟ فقلت: معاوية، ورجل آخر من قريش، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أما معاوية فإنَّه غلام من غلمان قريش، لا شيء له، وأما الآخر، فإنَّه صاحب شرّ، لا خير فيه، ولكن انكحي أسامة بن زيد قالت: فكرهته، فقال لها ذلك ثلاث مرّات، فنكحتْه.

(فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا) وفي رواية أبي سلمة، عنها، قالت: فنكحته، فجعل الله - عز وجل - فيه خيرًا عظيمًا.

قال القرطبيّ - رحمه الله -: قولها: "فنكحته، فجعل الله فيه خيرًا إلخ" كان ذلك منها بعد أن صدر منها توقّف، وما يدلّ على كراهتها لذلك، كما جاء في روايةٍ: فقالت بيدها - هكذا - أسامة، أسامة! فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت: فتزوجته فاغتَبَطتُ. انتهى.

(وَاغْتَبَطْتُ بِهِ) أي: حَسُن حالي بسبب نكاحي إياه، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: الْغِبْطَةُ: حُسْنُ الحال، وهي اسم من غَبَطْتُهُ غَبْطًا، من باب ضَرَبَ: إذا تَمَنَّيتَ مثلَ ما ناله، من غير أن تريد زواله عنه؛ لما أَعجبك منه، وعَظُم عندك، وفي حديث: "أَقُومُ مَقَامًا يَغْبِطُنِي فِيهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ"، وهذا جائز، فإنَّه ليس بحَسَد، فإن تمنيت زواله فهو الْحَسَد. انتهى (١).

وقال المجد - رحمه الله -: الْغِبْطةُ بالكسر: حُسنُ الحال، والْمَسَرّةُ، وقد اغْتَبَطَ، والْحَسَدُ، كالْغَبْط، وقد غَبِطَه، كضربه، وسَمِعه، وتمنَّى نعمةً على أن لا تتحوّل عن صاحبها، فهو غابطٌ، جمعه غُبُطٌ، ككُتُب. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: هو بفتح التاء والباء، ولم تقع لفظة "به" في أكثر النسخ، قال أهل اللغة: الْغِبْطة: أن يُتَمَنَّى مثلُ حال المغبوط، من غير إرادة زوالها عنه، وليس هو بحسَد، تقول منه: غَبَطته بما نال أَغْبِطه بكسر الباء (٣)،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٢.
(٢) "القاموس المحيط" ٢/ ٣٧٥.
(٣) تقدَّم عن "القاموس" أنَّه بكسر الباء، وفتحها، من بابي ضرب، وسَمِع.