للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[أحدهما]: أن هذا الحديث لا يصحّ عند أهل النقل؛ لأنَّ راويه عن أم سلمة نبهان مولاها، وهو ممن لا يُحتجّ بحديثه.

[وثمانيهما]: على تقدير صحّته، فذلك تغليظ منه - صلى الله عليه وسلم - على أزواجه لحرمتهنّ، كما غلّظ عليهنّ أمر الحجاب، ولهذا أشار أبو داود وغيره من الأئمة. انتهى (١).

وقال الحافظ - رحمه الله - عند قول البخاريّ - رحمه الله -: "باب نظر المرأة إلى الحَبَش، ونحوهم من غير ريبة"، ما نصّه: وظاهر الترجمة أن المصنّف كان يذهب إلى جواز نظر المرأة إلى الأجنبيّ، بخلاف عكسه، وهي مسألة مشهورة، واختَلَف الزجيح فيها عند الشافعيّة، وحديث الباب يساعد من أجاز، وقد تقدَّم في أبواب العيد جواب النوويّ عن ذلك بأن عائشة كانت صغيرةً، دون البلوغ، أو كان قبل الحجاب، وقوّاه بقوله في هذه الرواية: "فاقدروا قدر الجارية الحديثة السنّ"، لكن تقدَّم ما يعكُر عليه، وأن في بعض طرقه أن ذلك كان بعد قدوم الحبشة، وأن قدومهم كان سنة سبع، ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة، فكانت بالغةً، وكان بعد الحجاب.

وحجة من منع حديث أمّ سلمة الحديث المشهور: "أفعمياوان أنتما؟ "، وهو حديث أخرجه أصحاب "السنن" (٢) من رواية الزهريّ، عن نبهان، مولى أم سلمه، عنها، وإسناده قويّ، وأكثر ما عُلّل به انفراد الزهريّ بالرواية عن نبهان، وليست بعلّة قادحة، فإن من يعرفه الزهريّ، ويصفه بأنّه مكاتب أم سلمة، ولم يجرحه أحدٌ، لا تُردّ روايته.

والجمع بين الحديثين احتمال تقدَّم الواقعة، أو أن في قصّة الحديث الذي ذكره نبهان شيء يمنع النساء من رؤيته؛ لكون ابن أم مكتوم كان أعمى، فلعلّه كان منه شيء ينكشف، ولا يشعر به.

ويقوّي الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد،


(١) "المفهم" ٤/ ٢٧٠ - ٢٧١.
(٢) أخرجه أبو داود في "سننه" في "كتاب اللباس" رقم (٤١١٢)، والترمذيّ في "جامعه" في "الأدب" رقم (٢٧٧٨)، وأحمد في "مسنده" (٢٥٩٩٧).