للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن المطاعن التي وُجّهت إليه غير مقبولة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم نفقة المبتوتة:

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ - رحمه الله -: اختلف الناس في النفقة للمبتوتة إذا لم تكن حاملًا: فأباها قومٌ، وهم أهل الحجاز، منهم مالك، والشافعيّ، وتابعهم على ذلك أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد. وحجتهم هذا الحديث، قوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة: "ليس لك عليه نفقة"، وهو مرويّ من وجوه صحاح، متواترة عن فاطمة - رضي الله عنها -.

وممن قال: إن المبتوتة لا نفقة لها، إن لم تكن حاملًا: عطاء بن أبي رباح، وابن شهاب، وسعيد بن المسيّب، وسليمان بن يسار، والحسن البصريّ، وبه قال الليث بن سعد، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى.

وقال أبو حنيفة، وأصحابه، والثوريّ، والحسن بن حيّ: لكلّ مطلّقة السكنى، والنفقة، ما دامت في العدّة، حاملًا كانت، أو غير حامل، مبتوتة، أو رجعيّة، وهو قول عثمان البَتِّيّ، وابن شُبْرُمة.

وحجتهم في ذلك أن عمر بن الخطّاب، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما -، قالا في المطلّقة ثلاثًا: لها السكنى والنفقة ما كانت في العدّة.

وقالت طائفة: المطلّقة المبتوتة إن لم تكن حاملًا لا سكنى لها، ولا نفقة، منهم: الشعبيّ، وميمون بن مهران، وعكرمة، ورواية عن الحسن. وروي ذلك عن عليّ، وابن عبّاس، وجابر بن عبد الله. وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور، وداود.

ثمَّ قال أبو عمر - رحمه الله - بعد أن ذكر أقوال من ردّ حديث فاطمة، أو تأوله -، ما نصّه:

لكن من طرق الحجة، وما يلزم منها قول أحمد بن حنبل، ومن تابعه أصحّ، وأحجّ؛ لأنه لو وجب السكنى عليها، وكانت عبادة تعبّدها الله بها، لألزمها ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يُخرجها عن بيت زوجها إلى بيت أم شريك، ولا إلى بيت أم مكتوم؛ ولأنه أجمعوا أن المرأة التي تبذو على أحمائها بلسانها، تؤدّب، وتقصر على السكنى في المنزل الذي طُلّقت فيه، وتُمنع من