طلقتها كانت بائنة (فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ) - بفتح التاء، وضم الجيم، بعدها دال مهملة -؛ أي: تقطف، وتقطع (نَخْلَهَا) أي: ثمارها (فَزَجَرَهَا) أي: نهاها (رَجُلٌ) لا يُعرف (أَنْ تَخْرُجَ) عن الخروج من بيتها؛ ظنًّا منه أن آية:{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} يعمّها (فأتت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) زاد في رواية أبي داود: فذكرت ذلك له؛ أي: ذكرت نهي الرجل لها عن الخروج (فقال) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ("بلى) قال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: تقرير للنفي؛ أي: أتت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسألته: أليس يسوغ لي الخروج للجدادة؟ فقال: بلى. انتهى (١)، ولفظ النسائي: "فقال: اخرجي" (فَجُدِّي) بضم الجيم؛ أي: اقطفي (نَخْلَك، فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي) أصله تتصدقي بتاءين، فحذف منه إحداهما؛ تخفيفًا، كما في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ}[القدر: ٤]، وقوله: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)} [عبس: ٦]، قال ابن مالك في "خلاصته":
قال القاري: وقوله: "أن تصدقي" تعليل للخروج، ويعْلَم منه أنه لولا المتصدق لما جاز لها الخروج. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله نظر لا يخفي، بل الحقّ لها الخروج لحاجتها، ولو لَمْ يكن التصدّق، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
(أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا") وللنسائيّ: "تفعلي معروفًا" بالواو، والظاهر أن "أو" هنا للتنويع، لا للشكّ، ويَحْتَمل أن تكون للشكّ من الراوي، والأول أظهر، وعليه فيكون من عطف العامّ على الخاصّ؛ إذ المعروف يعمّ الصدقة، وغيرها، كقضاء الديون، ونحوه.
قوله:"أو تفعلي معروفًا" أي: من التطوع، والهدية، والإحسان إلى الجيران، ونحوها، و"أو" للتنويع، يعني إن يبلغ مالك نصابًا، فأدِّي زكاته، وإلا فافعلي معروفًا، من المتصدق، والتقرب، والتهادي، وفيه أن حفظ المال، واقتناءه لفعل المعروف مرخصٌ. انتهى.
قال الخطّابيّ: - رَحِمَهُ اللهُ - ما حاصله: الحديث يدلّ على جواز خروج المتوفّى