قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الذي قاله ابن شهاب - رَحِمَهُ اللهُ - من أنها تتزوّج حين وضعت حملها، وإن لَمْ تتطهّر من نفاسها هو مذهب الجمهور، وقد شذّ الحسن، والشعبيّ، والنخعيّ، وحمّاد، فقالوا: لا تنكح ما دامت في دم نفاسها، والحديث حجة عليهم، وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سُبيعة بنت الحارث الأسلميّة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٨/ ٣٧٢١](١٤٨٤)، و (البخاريّ) في "الطلاق"(٥٣١٩)، و (أبو داود) في "الطلاق"(٢٣٠٦)، و (النسائيّ) في "الطلاق"(٦/ ١٩٤ و ١٩٥ و ١٦٦) و"الكبرى"(٣/ ٣٨٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٦/ ٤٣٢)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣/ ١٩٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٤/ ١٧٢)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٢٤/ ٢٩٥)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٧/ ٤٢٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده (١):
١ - (منها): بيان عدّة الحامل المتوفّى عنها زوجها، وذلك بوضع حملها، وفيه اختلاف بين العلماء سيأتي تحقيقه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.
٢ - (ومنها): جواز الإفتاء بحضرة من هو أعلم منه؛ لأن الصحابة - رضي الله عنه - كانوا يُفتون في حياة النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم أبو السنابل بن بعكك - رضي الله عنه -، حيث أفتى سبيعة بأنها لا تحلّ بوضع حملها، بل بأربعة أشهر وعشر.
٣ - (ومنها): أن المفتي إذا كان له ميلٌ إلى شيء، لا ينبغي له أن يُفتي
(١) المراد فوائد حديث سبيعة الأسلميّة - رضي الله عنها - برواياته المختلفة عند المصنّف، أو فيما أشرت إليه في الشرح، لا خصوص سياق المصنّف هذا فقط، فليُتنبّه.