للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: والجمع بين هذه الروايات متعذِّر؛ لاتحاد القصّة، ولعل هذا هو السرّ في إبهام من أبهم المدّة، إذ محل الخلاف أن تضع لدون أربعة أشهر وعشر، وهو هنا كذلك، فأقلّ ما قيل في هذه الروايات: "نصف شهر".

قال: وأما ما وقع في بعض الشروح أن في البخاريّ رواية "عشر ليال"، وفي رواية للطبرانيّ: ثمان، أو سبع، فهو في مدّة إقامتها بعد الوضع إلى أن استفتت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا في مدة بقية الحمل، وأكثرُ ما قيل فيه بالتصريح شهران، وبغيره دون أربعة أشهر. انتهى (١).

كذا أبهم الراوي المدة في روايات مسلم، وبعضهم عيّنوا المدّة، واختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا، فرُوي أنَّها وضعت بعد وفاة زوجها بشهرين، كما في رواية أحمد، وروى البخاريّ: "بعد أربعين ليلةً"، وروى النسائيّ: "بعد عشرين ليلةً"، ورُوي غيرها.

قال الحافظ بعدما ساق هذه الروايات: والجمع بين هذه الروايات متعذّر؛ لاتحاد القصّة، ولعلّ هذا هو السرّ في إبهام من أبهم المدّة. انتهى.

(وَإِنَّهَا) أي: سبيعة (ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ) استَغْنَت أم سلمة - رضي الله عنها - بسياق قصة سُبيعة عن الجواب بـ "لا"، أو"نعم"، لكونه تضمّن الجواب بـ "نعم" مع بيان الدليل، ففيه جواب السؤال بدليله، وهو أوفى، وأخصر، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: من أغرب ما رأيت أن صاحب "تكملة فتح الملهم" احتجّ بقوله: "فأمرها أن تتزوّج" لمذهبه الحنفيّ أن النِّكَاح يصحّ بدون وليّ، وبعبارات النساء، وهذا احتجاج عجيبٌ، كيف يصنع بقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطلٌ، فنكاحها باطلٌ، فنكاحها باطلٌ … " الحديث أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذيّ، وابن ماجة، والحاكم، وهو حديث صحيح، وقد استوفيت البحث في هذا في غير هذا الموضع، ولله الحمد، والمنّة، وله الفضل والنعمة، وهو أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ١٢/ ٢١١ "كتاب الطلاق" رقم (٥٣٢٠).