للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحكمة فيه كون القلق يكون في ابتداء الأمر أشدّ، فلذلك قيّدها بالثلاث، هذا معنى كلامه، فصحّف الكلمة، وتكلّف لتأويلها.

وقد وقع في رواية البيهقيّ وغيره: "فأمرني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أتسلّب ثلاثًا"، فتبيّن خطؤه، قاله في "الفتح" (١).

(قَالَتْ زينَبُ) - رضي الله عنها -، بالسند السابق، وهذا هو الحديث الثاني (ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى زينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ) أم المؤمنين - رضي الله عنها -.

قال في "الفتح": وظاهره أن هذه القصّة وقعت بعد قصّة أم حبيبة - رضي الله عنها -، ولا يصحّ ذلك إلَّا إن قلنا بالتعدّد، ويكون ذلك عقب وفاة يزيد بن أبي سفيان؛ لأن وفاته سنة ثمان عشرة، أو تسع عشرة، ولا يصحّ أن يكون ذلك عند وفاة أبيه؛ لأن زينب بنت جحش ماتت قبل أبي سفيان بأكثر من عشر سنين، على الصحيح المشهور عند أهل العلم بالأخبار، فيُحْمَل على أنَّها لَمْ تُرِد ترتيب الوقائع، وإنما أرادت ترتيب الأخبار.

وقد وقع في رواية أبي داود بلفظ: "ودخلت"، وذلك لا يقتضي الترتيب، والله أعلم. انتهى.

(حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَما) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: لَمْ أتحقّق من المراد به؟ لأن لزينب ثلاثة إخوة: عبد الله، وعبد، بغير إضافة، وعبيد الله بالتصغير، فأما المكبَّر، فاستُشهد بأحد، وكانت زينب إذ ذاك صغيرة جدًّا؛ لأن أباها أبا سلمة مات بعد بدر، وتزوّج النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمها، أم سلمة، وهي صغيرة تَرْضَع، فقد ثبتٌ أن أمها حلّت من أبي سلمة بوضع زينب هذه، فانتفى أن يكون هو المراد هنا، وإن كان وقع في كثير من "الموطّآت" بلفظ: "حين توفّي أخوها عبد الله"، كما أخرجه الدارقطنيّ من طريق ابن وهب وغيره عن مالك.

وأما عبدٌ بغير إضافة، فيُعرف بأبي أحمد (٢)، وكان شاعرًا أعمي، وعاش


(١) "الفتح" ١٢/ ٢٣٢ - ٢٣٤.
(٢) هذا هو المعروف في السِّيَر، ووقع في نسخة "الفتح": أبو حميد، وهو تصحيف، وقد وقع في "عمدة القاري" على الصواب، راجعه ٨/ ٦٦.