للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يقله غيره، وإنما القصّة لعويمر العجلانيّ، قال: ولكن وقع في "المدوّنة" في حديث العجلانيّ ذِكْرُ شريك. وقال النوويّ في "مبهماته": اختلفوا في الملاعن على ثلاثة أقوال: عويمر العجلانيّ، وهلال بن أُميّة، وعاصم بن عديّ، ثم نقل عن الواحديّ أن أظهر هذه الأقوال أنه عويمر.

قال الحافظ: وكلام الجميع مُتعقَّبٌ، أما قول ابن أبي صفرة، فدعوى مجرّدة، وكيف يجزم بخطأ حديث ثابت في "الصحيحين" مع إمكان الجمع؛ وما نسبه إلى الطبريّ لم أره في كلامه.

وأما قول ابن العربيّ: إن ذِكْرَ هلال دار على هشام بن حسّان، وكذا جزم عياض بأنه لم يقله غيره، فمردود؛ لأن هشام بن حسّان لم ينفرد به، فقد رواه عبّاد بن منصور، كما قدّمته، وكذا جزم جرير بن حازم، عن أيوب، أخرجه الطبريّ، وابن مردويه، موصولًا، قال: "لَمّا قذف هلال بن أميّة امرأته".

وأما قول النوويّ تبعًا للواحديّ، وجنوحه إلى الترجيح فمرجوح؛ لأن الجمع مع إمكانه أولى من الترجيح، ثم قوله: "وقيل: عاصم بن عديّ" فيه نظر؛ لأنه ليس لعاصم فيه قصّة أنه الذي لاعن امرأته، وإنما الذي وقع من عاصم نظير الذي وقع من سعد بن عبادة.

ولمّا روى ابن عبد البرّ في "التمهيد" طريق جرير بن حازم تعقّبه بأن قال: قد رواه القاسم بن محمد، عن ابن عبّاس كما رواه الناس، وهذا يوهم أن القاسم سمّى الملاعن عويمرًا، والذي في "الصحيح": "فأتاه رجلٌ من قومه"؛ أي: من قوم عاصم، وللنسائيّ من هذا الوجه: "لاعن بين العجلانيّ وامرأته"، والعجلانيّ هو عمير. انتهى كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - في "تفسير سورة النور" (١).

وقال في "كتاب الطلاق" بعد الإشارة إلى ما تقدّم: وظهر لي الآن احتمال أن يكون عاصم سال قبل النزول، ثم جاء هلال بعده، فنزلت عند سؤاله، فجاء عويمرٌ في المرّة الثانية التي قال فيها: "إن الذي سألتك عنه، قد ابتليت به"، فَوَجَدَ الآيةَ نزلت في شان هلال، فأعلمه - صلى الله عليه وسلم - بأنها نزلت فيه، يعني


(١) "الفتح" ١٠/ ٣٨٢ - ٣٨٤.