للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عاصم عن ذلك، ابتُلي به في أهل بيته، فأتاه ابن عمه تحته ابنة عمه، رماها بابن عمة المرأة، والزوج، والحليل، ثلاثتهم بنو عم عاصم"، وعن ابن مردويه في مرسل ابن أبي ليلى المذكور؛ أن الرجل الذي رَمَى عويمر امرأته به هو شَريك بن سَحْماء، وهو يشهد لصحة هذه الرواية؛ لأنه ابن عم عويمر، وكذا في مرسل مقاتل بن حيّان عند أبي حاتم، فقال الزوج لعاصم: يا ابن عم أُقسم بالله، لقد رأيت شَريك بن سَحْماء على بطنها، وإنها لحبلى، وما قربتها منذ أربعة أشهر.

وفي حديث عبد الله بن جعفر، عند الدارقطنيّ لاعن بين عويمر العجلانيّ، وامرأته، فأنكر حملها الذي في بطنها، وقال: هو لابن سَحْماء، ولا يمتنع أن يُتَّهَم شريك بن سحماء بالمرأتين معًا.

وأما قول ابن الصباغ في "الشامل" أن المزني ذكر في "المختصر" أن العجلانيّ قذف زوجته بشريك بن سحماء، وهو سهو في النقل، وإنما القاذف بشريك: هلال بن أمية، فكأنه لم يعرف مستند المزنيّ في ذلك، وإذا جاء الخبر من طُرُق متعددة، فإن بعضها يَعْضد بعضًا، والجمع ممكن، فيتعيّن المضير إليه، فهو أولى من التغليط، ذكره في "الفتح" (١).

(فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ) أي: أخبرني عن حكم رجل (يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا) كذا اقتصر على قوله: "مع"، فاستعمل الكناية، فإن مراده معية خاصّة، ومراده أن يكون وجده عند الرؤية (أَيَقْتُلُهُ) الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار (٢). (فَتَقْتُلُونَهُ) أي: قصاصًا؛ لتقدم علمه بحكم القصاص؛ لعموم قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥]، لكنه يطرقه احتمالُ أن يُخَصّ من ذلك ما يقع بالسبب الذي لا يقدر على الصبر عليه غالِبًا، من الغيرة التي في طبع البشر، ولأجل هذا قال: "أم كيف يفعل؟ ".

وقد ثبت في "الصحيحين" استشكال سعد بن عبادة مثل ذلك، وقوله: "لو رأيته لضربته بالسيف غير مُصفح"، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لهلال بن أميّة: "أربعة شهداء، وإلا فحدّ في ظهرك"، وذلك كلّه قبل أن ينزل اللعان.


(١) "الفتح" ١٢/ ١٧٠ - ١٧١.
(٢) "عمدة القاري" ١٧/ ٣٢٨.