النوويّ، ولكنه دافع عن مسلم، فقال: ولا يضرّ هذا على المذهب الصحيح المختار، وهو إذا رَوَى الحديث بعضُ الرواة موقوفًا، وبعضهم مرفوعًا، أو بعضهم متصلًا، وبعضهم مرسلًا، فإن الحكم للرفع والوصل، وقيل: للوقف والإرسال، وقيل: يُعْتَبر الأحفظ، وقيل: الأكثر، والصحيح الأول، ومع هذا فمسلم رحمه الله تعالى لم يذكر هذ الإسناد معتمدًا عليه، إنما ذكره متابعةً، وقد تكلمنا قريبًا على نحو هذا. انتهى كلام النوويّ (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا أجاب النوويّ، وهذا الجواب هو الذي يُكرّره دائمًا عند كلّ الانتقادات التي يوجّهها الدارقطني على مسلم، وهو جواب فيه نظر؛ لأن الصواب أنه لا يُحكم للوصل والرفع دائمًا، وإنما يُنظر بحسب المرجحات التي تقترن به، فربما يكون كما قال، وربّما يكون بالعكس، وقد حفقت هذا البحث في شرح المقدّمة، فارجع إليه تزدد علمًا.
وأما الجواب الصحيح هنا فيكون من وجوه:
[أحدها]: أن دعوى الدارقظنيّ تفرّد عبد الصمد عن شعبة برفع هذا الحديث غير صحيحة، فقد تابعه محمد بن جعفر، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في "مسنده":
(١٨٧١٤) حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن يزيد بن أوس، عن أبي موسى، أنه أُغمي عليه، فبَكَت عليه أم ولده، فلما أفاق، قال لها: أما بلغك ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟، قال: فسألتها، فقالت:"ليس منا مَن سَلَق، وحَلَق، وخَرَق".
وتابعه أيضًا سليمان بن حرب عند النسائيّ، فقال في "سننه":
(١٨٦١) حدّثنا عمرو بن عليّ، قال: حدّثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا شعبة، وفيه:"أبرأ إليكم كما برئ إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وقد تقدّم بتمامه في الحديث الماضي.
فهذا ثقتان ثبتان في شعبة، قد تابعا عبد الصمد في رفعه.
[ثمانيها]: أن عبد الصمد من أثبت الناس في شعبة، فقد قال عليّ ابن