للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدينيّ: عبد الصمد ثَبْت في شعبة. انتهى (١).

فلو فُرض تفرّده بالرفع عن شيخ هو ثبت فيه، فالحقّ قبوله، فكيف، ولم ينفرد به؟.

[ثالثها]: أن مثل هذا الانتقاد لا يضرّ بمسلم رحمه الله تعالى، فإنه ما ساق هذه الطريق إلا متابعةً، ومعلوم عند أهل الحديث أن المتابعة يُغتفر فيها ما لا يُغتفر في الأصول.

[رابعها]: أن الذين خالفوا عبد الصمد في هذا الرفع لم يذكر الدارقطنيّ طريقهم حتى يوازن بينها وبين رواية عبد الصمد التي قد عرفت أنه لم ينفرد بها، فأين تلك الطرق التي أشار إليها حتى يُنظر فيها؟، فيُتأمّل.

والحاصل أن حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا مما لا شكّ في صحّته مرفوعًا، ولا لبس، ولا ارتياب فيه، فقد أورده مسلم من أربعة طرق صحيحة من غير طريق شعبة، ثم أتبعها بطريق شعبة، وختم بها الباب، وقد عرفت أن شعبة رواها عنه ثلاثة من الحفّاظ المتقنين لأحاديثه: عبد الصمد، وغُندر، وسليمان بن حرب، فلا يَرتاب بعد هذا في صحة طريقه أيضًا من كان منصفًا، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (بِهَذَا الْحَدِيثِ) أي بالحديث الذي سبق قبله، وهو حديث عبد الرحمن بن يزيد، وأبي بُردة بن أبي موسى، قالا، عن أبي موسى: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا بريء ممن حلق، وسَلَق، وخرق".

وقوله: (غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ عِيَاضِ الْأَشْعَرِيّ، قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا") يعني: أن متن حديث عياض لفظه: "ليس منّا منَ حلق، وسَلَقَ، وخَرَق".

وقوله: (وَلَمْ يَقُلْ: "بَرِيءٌ") يعني: أنه لم يزد في أوله قوله: "أنا بريء"، وإنما اقتصر على ليس منّا … إلخ.

[تنبيه]: لم أجد رواية عياض الأشعريّ هذه، فالظاهر أنها مما انفرد بها المصنّف رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "تهذيب التهذيب" ٢/ ٥٨٠.