وصاحباه، والأوزاعيّ، والثوريّ، وإسحاق، وأحمد في رواية، وآخرون، ثم اختلفوا، فقال الأكثر: يعتق جميعه في الحال، ويستسعى العبد في تحصيل قيمة نصيب الشريك، وزاد ابن أبي ليلى، فقال: ثم يرجع العبد المعتَق على الأول بما أداه للشريك.
وقال أبو حنيفة وحده: يتخير الشريك بين الاستسعاء، وبين عتق نصيبه، وهذا يدل على أنه لا يعتق عنده ابتداء، إلا النصيب الأول فقط، وهو موافق لما جنح إليه البخاريّ، من أنه يصير كالمكاتب، وقد تقدم توجيهه.
وعن عطاء: يتخير الشريك بين ذلك، وبين إبقاء حصته في الرقّ، وخالف الجميع زفر، فقال: يعتق كله، وتُقَوَّم حصة الشريك، فتؤخذ، إن كان المعتق موسرًا، وترتب في ذمته إن كان معسرًا. انتهى ملخّصًا من "الفتح"(١)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الحقّ ما ذهب إليه الشيخان، ومن قال بقولهم، من صحّة حديث الاستسعاء، وقد أجاد الإمام ابن دقيق العيد في كلامه السابق، حيث قال: حَسْبُك بما اتفق عليه الشيخان، فإنه أعلى درجات الصحيح، والذين لم يقولوا بالاستسعاء، تعللوا في تضعيفه بتعليلات، لا يمكنهم الوفاء بمثلها، في المواضع التي يحتاجون إلى الاستدلال فيها، بأحاديث يَرِدُ عليها مثل تلك التعليلات. انتهى، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه اللهُ أوّل الكتاب قال: