للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنه - (عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها -، قال الحافظ وليّ الدين رحمه اللهُ: هذا الحديث أخرجه البخاريّ، وأبو داود، والنسائيّ من هذا الوجه من طريق مالك - يعني عن نافع، عن ابن عمر أن عائشة أرادت إلخ - وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، هو النيسابوريّ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة: أنها أرادت، فجعله من مسند عائشة، وكذا رواه الشافعيّ، عن مالك، فيما رواه عنه الربيع، ومن طريقه البيهقيّ في "السنن الكبرى"، و"المعرفة"، وحَكَى ابن عبد البرّ الأول عن أكثر رواة "الموطإ"، والثاني عن رواية يحيى بن يحيى، كما ذكرته، وقد عرفتَ موافقة الشافعيّ له.

ولا يقال: مذهب الجمهور أنّ حكم "أَنَّ" حكمُ "عَنْ"، فلا تفاوت بين اللفظين؛ لأن ذلك إنما هو لو قال ابن عمر: أن عائشة قالت، فأسند القصة إليها، وهو في اللفظ المشهور لم يُسند القصة إليها، وإنما حكاها من نفسه، ولعائشة - رضي الله عنها - فيها مجرد ذِكْر، وعلى كل حال فالحديث صحيحٌ متصلٌ، وقد رُوي حديث عائشة هذا عنها من طُرُق منتشرة، وقال ابن عبد البرّ: ليس في شيء من أخبار بريرة أصحّ من هذا الإسناد، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -. انتهى كلام وليّ الدين رَحمه اللهُ (١).

(أنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِي جَارِيةً) هذه الجارية هي بريرة بنت صفوان، كما سيأتي، وكانت مكاتَبة، وهذا يدلّ على جواز بيع المكاتب، وقد اختُلف فيه على أقوال: الجواز، والمنع، والتفصيل بين أن يبيعه للعتق، فيجوز، أو للاستخدام فيمتنع، وسيأتي تمام البحث قريبًا - إن شاء الله تعالى -.

(تُعْتِقُهَا) بضمّ أوله، من الإعتاق رباعيًّا (فَقَالَ أَهْلُهَا: نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلَاءَهَا لَنَا) أي: بشرط أن يبقى ولاؤها لنا، ولا ينتقل إليك بالبيع (فَذَكَرَتْ ذَلِكَ) أي: ما اشترطه أهل بريرة، من بقاء الولاء لهم (لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ) الظاهر أن "لا" نافية، والفعل مرفوع، لكن قال وليّ الدين: قوله: "لا يمنعكِ" بالجزم على النهي، قال الخطابيّ: معناه إبطال


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ٢٣٣.