للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى أعلم. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قال ابن عبد البرّ - رحمه الله -: اتفق الجماعة على العمل بهذا الحديث، إلا ما رُوي عن ميمونة لأنها وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس - رضي الله عنه -، ورَوَى عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عطاء: يجوز للسيد أن يأذن لعبده أن يوالي من شاء.

وقال ابن بطال وغيره: جاء عن عثمان جواز بيع الولاء، وكذا عن عروة، وجاء عن ميمونة جواز هبة الولاء، وكذا عن ابن عباس، ولعلهم لم يبلغهم الحديث.

قال الحافظ: قد أنكر ذلك ابن مسعود في زمن عثمان، فأخرج عبد الرزاق عنه: أنه كان يقول: أيبيع أحدكم نسبه؟ ومن طريق عليّ: الولاء شعبة من النسب، ومن طريق جابر أنه أنكر بيع الولاء وهبته، ومن طريق عطاء أن ابن عمر كان ينكره، ومن طريق عطاء، عن ابن عباس: لا يجوز، وسنده صحيح، ومن ثَمّ فَصّلوا في النقل عن ابن عباس بين البيع والهبة.

وقال ابن العربيّ: معنى: "الولاء لحمة كلحمة النسب" أن الله أخرجه بالحرمة إلى النسب حكمًا، كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسًّا؛ لأن العبد كان كالمعدوم في حق الأحكام، لا يَقضي ولا يَلي ولا يَشهد، فأخرجه سيده بالحرية إلى وجود هذه الأحكام من عدمها، فلما شابه حكم النسب أُنيط بالمعتِق، فلذلك جاء: "إنما الولاء لمن أعتق"، وأُلحق برتبة النسب، فنُهِي عن بيعه وهبته. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما تقدّم من الحجج أن الصواب هو ما عليه الجمهور، من أنه لا يجوز بيع الولاء، ولا هبته، وأنه لا ينتقل عن المعتِق بموته إلى غيره؛ للأدلّة الصحيحة التي تقدّم بيانها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المغني" لابن قُدامة - رحمه الله - ٩/ ٢١٩ - ٢٢٠.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤٨٥ "كتاب الفرائض" رقم (٦٧٥٦).