للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا أصحّ (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: فيه ما يدل على أن هذا الفضل العظيم إنما هو في عتق المؤمن، ولا خلاف في جواز عتق الكافر تطوّعًا، فلو كان الكافر أغلى ثمنًا، فرُوي عن مالك: أنه أفضل من المؤمن القليل الثمن؛ تمسكًا بحديث أبي ذر - رضي الله عنه -، وخالفه في ذلك أكثر أهل العلم؛ نظرًا إلى حرمة المسلم، وإلى ما يحصل منه من المنافع الدينية، كالشهادات، والجهاد، والمعونة على إقامة الدين، وهو الأصح، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

٤ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": إن في قوله: "أعتق الله بكل عضو منه عضوًا" إشارةً إلى أنه لا ينبغي أن يكون في الرقبة نقصان؛ ليحصل الاستيعاب، وأشار الخطابيّ إلى أنه يُغتفر النقص المجبور بمنفعة؛ كالخصيّ مثلًا إذا كان يُنتفع به فيما لا يُنتفع بالفحل، قال الحافظ: وما قاله في مقام المنع، وقد استنكره النوويّ وغيره، وقال: لا شك أن في عتق الخصيّ، وكل ناقص فضيلة، لكن الكامل أولى، وقال ابن الْمُنيِّر: فيه إشارة إلى أنه ينبغي في الرقبة التي تكون للكفارة أن تكون مؤمنة؛ لأن الكفارة مُنقذة من النار، فينبغي أن لا تقع إلا بمنقذة من النار. انتهى (٣).

٥ - (ومنها): أنه استَشْكَل ابن العربيّ قوله: "فرجه بفرجه"؛ لأن الفرج لا يتعلق به ذنب يوجب له النار، إلا الزنا، فإن حُمِل على ما يتعاطاه من الصغائر؛ كالمفاخذة، لم يُشكل عتقه من النار بالعتق، وإلا فالزنا كبيرة لا تُكَفَّر إلا بالتوبة، ثم قال: فَيَحْتَمِل أن يكون المراد أن العتق يُرَجّح عند الموازنة، بحيث يكون مرجِّحًا لحسنات المعتق ترجيحًا يوازي سيئة الزنا. انتهى.

قال الحافظ: ولا اختصاص لذلك بالفرج، بل يأتي في غيره من الأعضاء، مما آثاره فيه، كاليد في الغصب مثلًا، والله أعلم. انتهى (٤).

٦ - (ومنها): ما كان عليه السلف من الحرص على فعل الخير، والمبادرة


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٥١ - ١٥٢.
(٢) "المفهم" ٤/ ٣٤٣.
(٣) "الفتح" ٦/ ٣٣٧.
(٤) "الفتح" ٦/ ٣٣٧ "كتاب العتق" رقم (٢٥١٧).