للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لبُعد أن يعبِّر الصحابيّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بلفظ "زَعَمَ"، ولوقوع التفسير في حديث أبي سعيد الخدريّ من قوله أيضًا. انتهى (١).

(المسألة الثانية): في فوائده:

١ - (منها): بيان تفسير الملامسة، والمنابذة.

٢ - (ومنها): ما قيل: إنه يُستدلّ بقوله: "لمس الثوب، لا ينظر إليه" على بطلان بيع الغائب، وهو قول الشافعيّ في الجديد، وعن أبي حنيفة: يصح مطلقًا، ويثبت الخيار إذا رآه، وحُكي عن مالك، والشافعي أيضًا، وعن مالك: يصح إن وصفه، والا فلا، وهو قول الشافعيّ في القديم، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأهل الظاهر، واختاره البغويّ، والرويانيّ من الشافعية، وإن اختلفوا في تفاصيله، ويؤيده قوله، في رواية أبي عوانة بلفظ: "لا ينظرون إليها، ولا يخبرون عنها"، وفي الاستدلال لذلك وفاقًا، وخلافًا طول، قاله في "الفتح" (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاستدلال بهذا الحديث على بطلان بيع الغائب فيه نظر لا يخفى، فإن الغائب يُعْلَم بالوصف، فإن لم يتّفق مع الوصف يكون له الخيار، بخلاف الملامسة، فإنه لا يُخبره بما فيه، ولا يأذن له أن ينظر بنفسه، قال الإمام ابن دقيق العيد - رحمه الله - في "شرح العمدة"، لَمّا ذكر الاستدلال به على بطلان بيع الغائب: ومن يشترط الوصف في بيع الأعيان الغائبة لا يكون الحديث دليلًا عليه؛ لأنه لم يذكر وصفًا.

وذكر أبو محمد بن حزم - رحمه الله - أن الشافعيّة استدلّوا على منع الغائب بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر، وعن الملامسة، والمنابذة، قال: ولا حجة لهم فيه؛ لأن بيع الغائب إذا وُصف عن رؤية، وخبرة، ومعرفة، قد صحّ ملكه لَمّا اشترى، فأين الغرر؟ قال: ومما يبطله أنه لم يزل المسلمون يتبايعون الضياع بالصفة، وهي في البلاد البعيدة، وقد باع عثمان بنَ عمر - رضي الله عنهم - مالًا لعثمان بخيبر بمال لابن عمر بوادي القرى. انتهى.


(١) "الفتح" ٥/ ٦١٦ "البيوع" رقم (٢١٤٦).
(٢) "الفتح" ٥/ ٦١٥.